عون “لا يفرّط” بالسيادة.. “الوطني الحر” يرفض “حفلة المزايدات”!

7 يونيو 2022
عون “لا يفرّط” بالسيادة.. “الوطني الحر” يرفض “حفلة المزايدات”!


رغم كلّ الاستحقاقات الداخلية الداهمة، من جلسة انتخاب اللجان النيابية اليوم، إلى استحقاق الحكومة المرتقب بعدها مباشرةً، أضحى ملفّ ترسيم الحدود البحرية “الشغل الشاغل” للبنانيين في الساعات الأخيرة، في ضوء الاستنفار الرسمي الذي استدعته الاستفزازات الإسرائيلية، مع وصول باخرة “الإنتاج” إلى قلب المنطقة المتنازع عليها مع لبنان.
 
لم يكن من الممكن أن يمرّ مثل هذا “الحدث” من دون ضجّة، فالإسرائيليون “يلعبون بالنار” باستغلالهم “تجميد” المفاوضات غير المباشرة مع لبنان، التي كانت تتمّ برعاية أميركية بل توقفها قبل أشهر على وقع التباينات بين الجانبين، وبالتالي فهم يضربون كلّ مكتسباتها عرض الحائط، وفق ما يقول كثيرون، ممّن يعتبرون أنّ “الاستنفار” اللبناني الذي سُجّل على أعلى المستويات في الساعات الأخيرة جاء في “سياقه الطبيعي”، ولو أنه يحتاج إلى “ترجمة”.
 
وإذا كانت كلّ السيناريوهات، ومعها “أوراق الضغط”، وُضِعت على الطاولة، بما فيها إمكانية لجوء “حزب الله” إلى استخدام “القوة”، كما أوحى نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، ولو رمى الكرة في ملعب “الدولة”، التي عليها أن تأخذ قرارًا “حاسمًا” حول ما إذا كان أيّ “انتهاك للسيادة” قد حصل فعلاً، فإنّ “السجال الداخلي” طغى مرّة أخرى على كلّ المقاربات، مع الاتهامات التي وُجّهت لرئيس الجمهورية ميشال عون مباشرة بـ”التفريط بالسيادة والثروات”.
 
“تقصير فادح”؟
 هكذا، انضمّت قضية بحجم الوطن، تكاد تشعل “حرب غاز” جديدة مع العدوّ الإسرائيلي، إلى مادة “مغرية” للبازار السياسيّ، فأضيفت إلى الملفات السجالية التي لا تنتهي، على وقع الاتهامات “الثقيلة” التي وجّهها نواب وشخصيات تدور في فلك “معارضة العهد”، إلى رئيس الجمهورية مباشرةً بالوقوف خلف السماح للجانب الإسرائيلي بتماديه في وقاحته، وذلك من خلال عدم توقيعه على تعديل المرسوم المرتبط بالخط 29 المتنازع عليه.
 
ويتحدّث “خصوم العهد” في هذا السياق، عن “تقصير فادح” من جانب الرئيس ميشال عون، ينطوي على “تفريط” بالسيادة والثروة، ملمّحين إلى أنّ عدم التوقيع جاء بناء على “صفقة” أو ربما “مقايضة” تمّ إبرامها مع الجانب الأميركي، وهو الراعي المفترض لمفاوضات ترسيم الحدود، وذلك ربطًا بالعقوبات المفروضة على رئيس “التيار الوطني الحر” المفروضة على الوزير السابق جبران باسيل، ولو أنّ شيئًا من ذلك لم يخرج إلى العلن.
 
ويذهب هؤلاء أبعد من ذلك ليشيروا إلى موقف “حزب الله”، حليف رئيس الجمهورية الأول، الذي حين أراد “تبرئة نفسه” من تهمة “التقاعس”، عبر عدم التحرّك رفضًا للمسّ بثروات لبنان وحقوقه المائية، كما كان أمينه العام قد هدّد عشيّة الانتخابات الأخيرة، “أدان” رئيس الجمهورية من دون تسميته، حيث اعتبر أنّ المطلوب من “الدولة” حسم أمرها بصورة نهائية، واتخاذ قرار واضح حول الحدود الفعلية، وما إذا كان العدو قد انتهكها أم لا، ليبنى على الشيء مقتضاه.
 
“حفلة مزايدات”!
كلّ ما سبق يضعه المحسوبون على رئيس الجمهورية و”التيار الوطني الحر” في إطار “حفلة مزايدات” يصفونها بـ”الرخيصة والفارغة”، خصوصًا عند مقاربة قضية وطنية كبرى، كقضية ترسيم الحدود، التي ينبغي أن يُبنى عليها الكثير مستقبلاً، حيث يستهجن هؤلاء كيف يوظّف “مدّعو السيادة” مثل هذه القضية لتصفية حساباتهم مع “السيادي الأول”، على حدّ وصفهم، في إشارة إلى رئيس الجمهورية ميشال عون.
 
ويذكّر هؤلاء بأنّ رئيس الجمهورية، و”التيار الوطني الحر” بشخص رئيسه الوزير السابق جبران باسيل، كانا في طليعة من “حرّكوا” ملفّ الثروة المائية الذي كان نائمًا في الأدراج، بل إنّ باسيل هو أساسًا الذي أثار قضية الخط 29الذي كان الإسرائيليون “يعبثون به” من دون أيّ اعتراض من لبنان، وهو الذي أعاد طرح الموضوع من جديد في مرحلة الانتخابات الأخيرة، وفي خطاب “الانتصار” بعدها، حين كان الآخرون مشغولين بـ”نزع السلاح”.
 
وفيما يؤكد المحسوبون على رئيس الجمهورية أنّ الخط 29 لا يزال “خطًا تفاوضيًا”، وبالتالي لا يمكن اعتماده “خطًا رسميًا” للبنان من دون قرار واضح صادر عن الحكومة مجتمعةً، يذكّرون بالرسالة التي سبق أن وجّهها الرئيس عون إلى الأمم المتحدة، وجرى تعميمها على جميع أعضاء مجلس الأمن، وفيها إشارة واضحة لا تحتمل اللبس إلى احتفاظ لبنان بكامل حقوقه في حال حصول أي عملية تنقيب أو استكشاف أو استخراج من المنطقة المتنازع عليها.
 
قد لا يكون بغريب أن تحظى “الاستفزازات الإسرائيلية” بهذا الحجم من الأخذ والردّ، لأنّ “الاعتداء” على الحقوق والثروات اللبنانية لا يمكن قبوله أو تمريره بأيّ شكل من الأشكال، لكن ما يبدو غريبًا، ولو أنّه غير مفاجئ، يتمثّل في “التهاء” اللبنانيين مرّة أخرى في “تسجيل النقاط” على بعضهم البعض، بدل وضع “الاختلافات” جانبًا، والقفز عليها، للخروج بموقف “موحّد” يحميهم في “مواجهة” يعتقد كثيرون أنها باتت “حتميّة”!