المساعدون القضائيون “الجندي المجهول”… في المجهول

8 يونيو 2022
المساعدون القضائيون “الجندي المجهول”… في المجهول


كتب طوني كرم في “نداء الوطن” يستمر المساعدون القضائيون في اعتكافهم ومعهم السلطة القضائية الشاهد الحيّ على تحلل ما تبقى من مؤسسات الدولة، في ظل مناشدة المجتمعين المحلي والدولي قيام دولة القانون والمؤسسات وإحقاق الحقّ، عبر محاسبة الفاسدين وإنصاف المظلومين ومعاقبة المرتكبين المجرمين.

تفاعل قضية المساعدين القضائيين لا تقف عند التحديات المعيشيّة التي تواجههم، والتي تفوق قدرتهم على الإلتحاق بمراكز عملهم في ظل انعدام القدرة الشرائية لرواتبهم الزهيدة، إنما تنسحب على القضاة أيضاً، كما المحامين والمتقاضين الذين يتحملون أعباء التأخير المستمر في البتّ في ملفاتهم.وإن كان موجب التحفظ لا يخول القضاة التصريح، إلا أن المعاناة هي نفسها، ما دفع بالعديد منهم إلى تقديم «طلبات استيداع» والتفرغ للبحث عن فرصٍ أفضل كخطوة تمهيدية تسبق تقديم استقالاتهم.

وعلى الرغم من تيقن المساعدين القضائيين من عدم وجود حكومة من أجل التصعيد بوجهها وتحميلها مسؤولية «اجتراح الحلول»، إلّا أن مناشدتهم تبقى إلى الضنينين المطالبين بتعزيز السلطة القضائية والتي لا يمكن أن تقوم في غياب المساعد القضائي الذي يتم التعامل معه كأيٍ من موظفي القطاع العام. من هنا تأتي المناشدة لإنصافهم أسوة بالقضاة عبر تغذية الصندوق الخاص بهم وليس عبر مساواتهم بموظفي القطاع العام المتجه إلى التحلل الكلّي.وفي السياق، تساءل أحد المساعدين القضائيين عن كيفية مساءلتهم تأديبياً أمام التفتيش القضائي على اعتبار أنهم جزء من السلطة القضائية، في حين تتم مساواتهم في الحقوق مع موظفي القطاع العام؟ ليستطرد قائلاً: «مش طالع لنا من السلطة القضائية غير تفتيش».التحديات المعيشية الصعبة التي يواجهونها لم تحل دون استجابتهم لطلب مجلس القضاء الأعلى تأمين الحد الأدنى من تسيير العدليات، ومنعاً لإلحاق الضرر بالمواطنين والمتقاضين، وتجنباً لإسقاط حقوقهم في ظل غياب قانون تعليق المهل القانونية، يعمد المساعدون القضائيون إلى تأمين حضور «بحده الأدنى»، ووقف ضبط الجلسات باستثناء جلسات الموقوفين والأوامر على العرائض الضرورية والملحة، كما المهل القانونية دون القضائية فقط.

ويوضح أحد المساعدين القضائيين أن اعتكافهم عن حضور الجلسات ينطلق من مبدأ إستحالة تسيير عمل المحاكم التي تتطلب الحضور في اليوم الذي يسبق إنعقاد الجلسات من أجل تحضير الملفات، وفي اليوم الذي يلي من أجل إستكمال «الإجراءات الإدارية» الروتينية، ولهذا السبب بالنسبة لهم يتعذر عليهم الحضور 3 أيام في الأسبوع، ليزيد الأمر تعقيداً في حال انعقاد جلستي محاكمة اسبوعياً، ما يوجب عليهم المواظبة على الحضور طوال ايام الأسبوع، ما يشكل استحالة بالنسبة لهم لتسيير المرفق العام بالصورة النظامية محذرين من ملامسة «القوة القاهرة» التي تجعل من تسيير المرفق العام أمراً بالغ الصعوبة، يدفعهم مرغمين إلى إعلان الإضراب المفتوح قائلاً: «بالنسبة لنا اللحم الحيّ انتهى.. وإنشاءالله من بعدنا العاصفة!».