ميقاتي والمسيحيّون: علاقة الضرورة لا التحالف

9 يونيو 2022
ميقاتي والمسيحيّون: علاقة الضرورة لا التحالف


كتبت هيام قصيفي في” الاخبار”: لم يقطع الرئيس نجيب ميقاتي خطوط التواصل مع القوى المسيحية من موقعه رئيساً للحكومة. هي علاقة الضرورة التي تجعل هذه القوى والشخصيات المستقلة على تقاطع معه في شكل دائم، سواء سمّته رئيساً مكلفاً أو لم تسمّه.

اطمئنان ميقاتي للثنائي الشيعي هو اليوم، كما بالأمس، البديل من أي مساومات سياسية أو تصويت لتكليفه رئاسة الحكومة المقبلة. في هذه النقطة، رهانه أن الثنائي لن يغامر في مرحلة حساسة في أسماء لا تشكل ثقلاً خارجياً أو محلياً، لأن المطلوب ليس رئيس حكومة من خارج النادي السياسي التقليدي، أو رئيس حكومة تكنوقراط، أو رئيساً طيّعاً في يد التيار الوطني الحر الذي ينتهي قريباً دوره كرئيس ظلّ في قصر بعبدا. ويعرف أن استكماله ارتدادات المبادرة الفرنسية التي رست أخيراً عليه، من دون غيره، تجعله مرتاحاً الى غطاء لا يزال قائماً ولو من دون استكماله سعودياً كما كان يأمل. هذا الاطمئنان الى الثنائي جعله رئيساً للحكومة لثلاث مرات، وتكاد الرابعة تقترب من أن تصبح في الجيب.
ولأن مندرجات الوضع السنّي أصبحت معروفة في الفوضى السنّية السياسية تجاه مستقبل الاستحقاقات، ولأن ميقاتي يغزل علاقة جيدة ومتوازنة مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، تصبح علاقة ميقاتي بالقوى المسيحية على المحك، حين تصبح عودته الى الحكومة وشيكة، لكن ليس من خلال هذه القوى.
لم يقطع ميقاتي خطوط التواصل مع القوى المسيحية كافة. يقول أحد السياسيين إن «ميقاتي لا يدوّر الزوايا فقط، بل يدوّر الدوائر»، لذا تصبح علاقته بالمكونات المسيحية لافتة. فعلاقته بالقوات التي لم تسمّه لرئاسة الحكومة أكثر من جيدة. إذ قيل كلام في انتخابات عام 2018 عن أصوات صبّت لمصلحة كتلته، وأن أجواء القوات مفتوحة دائماً على السير معه في خطوط متوازنة. صحيح أنه ليس حليف القوات السني، لكنه لم يتصرّف معها على قاعدة تصفية حسابات سياسية أو انتخابية. وعلاقته بالقوى المسيحية المستقلة كذلك لا تحمل صدامات ولا تحدّيات، لا بل إن نادي رجال الأعمال يمكن أن يكون باباً للكلام السياسي كما الاقتصادي. بالنتيجة، تصرفت القوى المسيحية مع ميقاتي من منطلق موقعه رئيساً للحكومة، وهو تعاطى معها من الزاوية نفسها.كيف يترجم ذلك في عملية التكليف المرتقبة؟
لم تسمّ غالبية القوى المسيحية الرئيس ميقاتي سابقاً، لكن ذلك لم يمنع قيام علاقة متوازنة، تحكمت بها الضرورة في كثير من الأحيان. فميقاتي لم يقدّم نفسه زعيماً سنياً بمعنى حامل إرث ومشروع، والقوى المسيحية – موالاة أو معارضة أو مستقلين – تعاملت معه على قاعدة أنه رئيس للحكومة بالمعنى التقني والسياسي. لكن المرحلة الحالية مختلفة، لذا يصبح النقاش الجدي حول إمكان توسع حلقة المؤيدين لتسمية ميقاتي بخلاف المرة السابقة، ودرس شروط ما يمكن تحصيله في المقابل، ولا سيّما أن الحاجة اليوم تبدو أكبر الى تأمين ظروف وصول رئيس للحكومة من زاوية التحضير لرئاسة الجمهورية التي يحتاج فيها الجميع الى خفض السقوف العالية. إلا أن العقبة لا تزال هي نفسها لدى التيار الوطني الحر، لأن مطالبه المسبقة من ميقاتي باتت تتقدم من الآن على احتمال تسميته. ولدى التيار تتفوّق دوماً أرجحية الحصص، الى أن يصبح مصير التكليف خارجاً عن إرادته.