تتضاربُ المعطيات بشأن ملف القمح وأزمته التي يتمّ التحذير من حصولها مُجدداً. فبينما يقول وزير الإقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام إن القمح متوفر ويبلغ 45 ألف طنّ ويكفي لشهر ونصف الشهر، تقول المطاحن وإتحاد نقابات الأفران من جهة أخرى إنه لا يوجد طحين لديهم.
في الواقع، فإنّ الضياع الكبير يحكمُ ملف القمح، إلا أن هناك أموراً ثابتة لا يجب التغاضي عنها.. فما هي؟
بداية، لا ينفي الواقع القائم والتضارب البارز، استمرار الحكومة في عملية تمويل دعم القمح، إذ استعانت لذلك في وقتٍ سابق، بدولارات من حقوق السحب الخاصّة بلبنان من صندوق النقد الدولي. إلا أنه وسط هذه الخطوة التي تساهم في إراحة السوق قليلاً، تبين أن مصرف لبنان يتأخر في تسديد ثمن شحنات القمح، وهو ما دفع ببعض المستوردين للتوقف عن الإستيراد. بسبب هذا الأمر، حصلت “بلبلة” ظرفية في عملية توزيع القمح، وفي الوقت الحالي يتبين أن الكميات متوافرة في عدد من المطاحن بينما شحت في مطاحن أخرى ونفذت في مطحنتين كبيرتين أبرزهما “بقاليان” و “تاج”. ففي ما خصّ المطحنة الأولى، فقد تبين أنه ليس لديها قمح ولم تشتره، في حين أن “تاج” لديها قمح غير مدعوم، وتنتظر تحويل المبالغ من مصرف لبنان كي تطرح الطحين المدعوم في السوق. هنا، فإنّ التفاوت في كميات القمح بين المطاحن وعدم توازن عملية توزيع الطحين على الأفران خصوصاً تلك التي تستفيد من مطاحن “بقاليان” و”تاج”، بات سيخلق أزمة جديدة في الأفران المنتجة للخبز، ما سيمهد لأزمة رغيف جديدة.
بشكل أساسي، يكمن السعي الأول والأساس من قبل وزارة الإقتصاد في معالجة شحّ القمح التي تعاني منه بعض الأفران عبر مدّها من مطاحن أخرى بعدما كانت تتغذى من مطاحن تواجه أزمة في توفر مخزون القمح لديها. وفي حال تحقق هذا الأمر، فإن الحديث عن أزمة القمح سيكون غير وارد، إذ أن المخزون الذي يتحدث عنه وزير الإقتصاد متوفر لمدة شهر ونصف، لكن المشكلة في عملية التقسيم في الوقت الحالي.
وفي ظل هذا الضياع القائم، يُطرح السؤال التالي: هل ستستمر الحكومة في دعم القمح؟ هنا، السؤال هذا جاء بسبب وجود إمكانية لأن تصبح “الطاسة ضايعة” أكثر في السوق، ما يعني أن الأموال التي تنفقها الحكومة على دعم القمح ستذهب هدراً، وبالتالي سيعني إضاعة للمال العام في زواريب ملفٍ تفوح منه رائحة الإحتكار ولا ينوي رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي تركه بدون معالجة جذرية.