السفيرات الثلاث والإستحقاق الحكومي… هذا ما سمعنه

12 يونيو 2022
السفيرات الثلاث والإستحقاق الحكومي… هذا ما سمعنه


لا شكّ في أن تحرّك كل من السفيرتين الأميركية دوروتي شيا والفرنسية آن غريو والمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكيا في كل إتجاه ولقاءهم مختلف القوى السياسية يهدف إلى إستعجال تشكيل حكومة ما بعد الإنتخابات النيابية وما قبل الإنتخابات الرئاسية. 

لا معلومات دقيقة عمّا تحمله معهن الديبلوماسيات الثلاث من طروحات، وإن كان لكل منهن طريقة معينة في التعاطي مع هذا الملف، وفق ما يتم تزويدهن به عن طريق واشنطن وباريس ونيويورك من توجيهات، وإن كان اللبنانيون منقسمين في نظرتهم إلى هذا التحرك. فالبعض يرى فيه دفعًا في إتجاه إخراج لبنان من دواماته، وذلك عن طريق حضّ السياسيين المعنيين على تسريع الخطى لتسمية الرئيس العتيد للحكومة وفق مواصفات باتت معروفة، لأن للحكومة العتيدة أكثر من مهمة على رغم قصر عمرها (أربعة أشهر في أفضل الأحوال)، من حيث المبدأ وإذا لم تطرأ أي مستجدّات تحول دون إنتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفًا للرئيس ميشال عون.  
أمّا البعض الآخر فيرى في هذا التحرّك الديبلوماسي تدّخلًا في الشؤون اللبنانية الداخلية، معتبرين أن “أهل مكة أدرى بشعابها”، وأن مشاكل لبنان الساسية متأتية من هذا التدّخل الخارجي .  
من جهة أخرى كان لافتًا ما تمناه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في نهاية زيارته للأردن من أن يكون التشكيل الحكومي من دون شروط وتعقيدات يضعها أي فريق في وجه الرئيس المكلّف”، وتشدد على “ان الانتخابات الرئاسية قد تتأخر ولكنها ستحصل”.  
فهذا الموقف لفت في مضمونه وتوقيته البعثات الديبلوماسية، خصوصًا أن السفيرات شيا وغريو وفرونتسكيا سمعوا كلامًا من الشخصيات التي شملتها زياراتهم المكوكية يؤشرّ إلى تباينات في وجهات النظر حول الحكومة العتيدة، وحول دورها ومهامها وشكلها. 
وقد تناهى الى مسامعهن أن البعض، ومن بينهم رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، يرغب في حكومة سياسية يتمثل فيها “التيار” بثلاث حقائب وزارية هي وزارات الطاقة والعدل والخارجية التي يريدها باسيل لنفسه.  
وتعلل مصادر “التيار”أسباب ذلك بالقول إن الرئيس عون لن يغادر قصر بعبدا ما لم تتشكل حكومة قوية قادرة على إدارة الوضع، في حال تأخّر انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهو لن يسلم صلاحياته لحكومة تصريف أعمال في أي حال من الأحوال. وإزاء مثل هذا الواقع فإن باسيل يعتبر وجوده ضرورة في حكومة ستتولى الحكم لفترة غير محددة زمنيًا. 
وفي تقديره فإن الإستحقاق الرئاسي لن يكون ميسّرًا إذا ما طالت الأزمة، وتلزمه أرضية جاهزة وأجواء إقليمية مؤاتية، وذلك إستنادًا إلى تجربة العام 2014، حيث حلّ الفراغ في السدّة الرئاسية سنتين ونصف السنة قبل التوصّل إلى تسوية إنتخاب الرئيس عون. 
من جهة ثانية سمعت السفيرات الثلاث رفضًا من قبل “القوات اللبنانية” و”الكتائب اللبنانية” وقوى التغيير التمثل في أي حكومة سياسية أو ما يُسمّى بـ”حكومة وحدة وطنية”، وذلك نظرًا إلى فشل مثل هكذا تجارب في الماضي.  
وما بين حكومة لا يزيد عمرها عن أربعة أشهر، وحكومة قد تكون من بين الأطول عمرًا، في حال انتهت ولاية الرئيس عون في 31 تشرين الأول من دون التمكّن من انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فستُناط  صلاحيات رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء وكالة.  
من هنا تأتي الشروط المسبقة التي يضعها البعض، وعلى رأسهم “التيار الوطني”، قبل التكليف وإستباقًا للتأليف، وهذا ما يرفضه الرئيس ميقاتي ويبّلغه إلى جميع الذين يتمنون عليه القبول بالتكليف مجدّدًا.