قبل أنّ يحطّ الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين في لبنان، يوم أمس، من أجل “تحريك” مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الإسرائيلي، شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت، حركة “دبلوماسية” رفيعة المستوى، تمثلت بزيارةٍ لـ”موفدٍ فرنسي” إلى حارة حريك للقاء قيادات من “حزب الله”.
الزيارةُ الفرنسية التي حصلت الأسبوع الماضي شدّت الأنظار أكثر فأكثر باتجاهِ التقارب بين الفرنسيين والحزب، وهو أمرٌ يؤكد وجود خطّ تواصل مفتوح بين الطرفين. إلا أنه في المقابل، فقد طُرحت أسئلة عديدة عن سبب تلك الزيارة وعن مضمون ما جاء فيها، لاسيما أنها جاءت في توقيتٍ يحملُ في طياته تهديدات بحصولٍ حرب بين لبنان وإسرائيل على خلفية التنقيب عن الغاز في حقل كاريش المتنازع عليه.
من الذي زار الضاحية؟
معلومات “لبنان24” تكشف أنّ الزيارة التي شهدتها حارة حريك قامت بها السفيرة الفرنسية آن غريو، التي التقت عدداً من مسؤولي “حزب الله” من بينهم مسؤول العلاقات الدولية في الحزب عمار الموسوي. مع هذا، تقول مصادر الحزب لـ”لبنان24″ إنّ “غريو نقلت خلال الاجتماع حرص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على لبنان وإصراره على مساعدته في ظلّ الأزمات القائمة، كما شدّدت على أن القيادة الفرنسية مُرتاحة لإجراء الانتخابات النيابية في أيار الماضي”.
بحسب المصادر نفسها، فإنّ “غريو أكدت خلال الاجتماع على ضرورة إتمام لبنان للإصلاحات الضرورية من قوانين وإجراءات كي يُنجز إتفاقه التام مع صندوق النقد الدولي”.
ماذا عن ملف الحدود البحرية؟
بشكل أساسي، تكشف زيارة غريو أنّ العلاقة الفرنسية مع “حزب الله” قائمة ومستمرة، في حين أنّ التواصل المباشر بين الطرفين يُمكن أن ينعكسَ على مختلف الملفات القائمة والمطروحة. مع هذا، فإنه وبعكسِ ما أثير، تقول مصادر مطلعة على أجواء الاجتماع إنّ “اللقاء لم يخض في تفاصيل ملف ترسيم الحدود البحرية، كما أنه لم يكن بمثابة اجتماع ضاغط على الحزب بشأن الموضوع”. مقابل ذلك، كان هناك حديثٌ آخر عن حصول نقاش بشأن الحدود البحرية، وأن “حزب الله” أبلغ الفرنسيين بأنه لن يساوم على حقوق لبنان وسيدافع عنها.
وفي حال حصل حقاً حديث بشأن الملف الأخير، وبحال كانت فرنسا تسعى لفتح ملف الحدود البحرية مع الحزب، فإنّ الولايات المتحدة وخلفها إسرائيل ستكونان خلف هذا المسعى، وسيبرزُ تعويل على دور الفرنسيين في “تبريد” الأجواء المتوترة بسبب ملف الغاز. إلا أن ما يمكن قوله هو أنه لا يمكن لباريس، مهما كانت العلاقة ناجحة معه، أن “تمون” على حزب الله في أي قرار يتخذه، وتحديداً عندما يتعلق الأمرُ بالرّد على أي اعتداءٍ يطال ثروات لبنان في البحر من قبل إسرائيل.
تواصل أميركي مع “حزب الله”؟
وإنطلاقاً من كل هذه المشهدية، فإنّ التنسيق الفرنسي مع “حزب الله” يفتحُ الباب أمام محادثات “غير مباشرة” بين الحزب والولايات المتحدة. في هذا الإطار، يُمكن لـلفرنسيين أن يلعبوا دور الوسيط بين الطرفين الأخيرين، وأن يكونوا بمثابة المُحرّك الأساس لأي مقاربة تتعلق بالملفات الأساسية والحسّاسة.
وخلال الفترة الماضية، كان واضحاً التنسيق الفرنسي – الأميركي بشأن لبنان، في حين أنّ الرئيس ماكرون لعب دوراً أساسياً أيضاً في إعادة تقريب المملكة العربية السعودية من لبنان. ولهذا، فإنّ ما تقوم به فرنسا مع “حزب الله” يساهم في “تهدئة الجبهات” وأيضاً تكريس اعترافٍ بالأخير، وهو أمرٌ لا يمكن للولايات المتحدة الأميركية القيام به لاعتبارات كثيرة أساسها أن الحزب يعتبرُ جهة “معادية” لإسرائيل، وثانياً يندرج كمنظمة إرهابية لدى الأميركيين، وثالثاً يعتبرُ “ذراع إيران في لبنان”.