استشارات التأليف لا تزال مؤجّلة.. هل من قطبة “مخفيّة”؟!

14 يونيو 2022
استشارات التأليف لا تزال مؤجّلة.. هل من قطبة “مخفيّة”؟!


تقترب حكومة الرئيس نجيب ميقاتي من ذكرى مرور شهر على تحوّلها إلى حكومة تصريف أعمال، بموجب الدستور، بعد انتخاب مجلس نيابي جديد، من دون أن يبدأ “استحقاق” تشكيل حكومة جديدة رسميًا، بفعل عدم دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون حتى الآن إلى الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس حكومة جديد، كما ينصّ الدستور. 
وإذا كان رئيس الجمهورية يستند في تأجيله الدعوة إلى الاستشارات، إلى “اجتهاد قانوني” ينصّ على أنّ الدستور لم “يقيّده” بمهلة معيّنة لمثل هذه الدعوة، ولو أنّ البعض يرى أنّ روحية الدستور تحيل إلى مبدأ “الفورية”، فإنّ ربط الاستشارات بالعديد من الاستحقاقات، بدءًا من انتخابات لجان المجلس، إلى زيارة الوسيط الأميركي، بدت لكثيرين غير مقنعة ولا منطقيّة.
 
من هنا، تُطرَح الكثير من علامات الاستفهام عن مدى وجود “قطبة مخفية” خلف عدم الدعوة حتى الآن إلى الاستشارات، خصوصًا أنّ زيارة الوسيط الأميركي تنتهي اليوم، ما يعني أنه كان بالإمكان تحديد موعد للاستشارات غدًا أو بعده، إلا أنّ مصادر متنوّعة تتقاطع على استبعاد حصولها هذا الأسبوع، باعتبار أنّ الأسبوع المقبل “لناظره قريب”!
 
بحثًا عن “توافق”؟ 
يقول المحسوبون على رئيس الجمهورية والمقرّبون منه إنّه يمارس صلاحيّاته الدستورية من دون أيّ إخلال، وإنّه وحده من يحقّ له تحديد موعد الاستشارات النيابية، مشيرين إلى أنّ هذا الأمر يعتمد على “رؤية” رئيس الجمهورية للصالح العام، علمًا أنّ الاستشارات يجب أن تتمّ في ظروف مناسبة، يمكن البناء عليها، بعيدًا عن الانشغال بقضايا أخرى كما كان الحال في الأيام القليلة الماضية، بين انتخابات اللجان وزيارة الوسيط الأميركي.
 
أما عن سبب عدم تحديد موعد للاستشارات بمجرد انتهاء زيارة الوسيط الأميركي، يدعو هؤلاء إلى ترقّب “إعلان” قد يصدر عن القصر الجمهوري خلال الساعات المقبلة، لكنّهم يشدّدون على أنّ رئيس الجمهورية يريد أن يستبق الاستشارات بـ”حدّ أدنى” من التوافق لإنجاح الاستشارات، حتى لا تنتهي بصورة “مشتّتة” تشبه المجلس النيابي الجديد، وتأخذ البلاد إلى أزمة جديدة قد تكون أصعب وأقسى من كلّ سابقاتها.
 
يذكّر المقرّبون من رئيس الجمهورية في هذا السياق بالتجارب السابقة التي أثبتت أنّ التوافق قبل الاستشارات ينفع ولا يضرّ، حتى لا تتكرّر “فصول” ما قبل تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، حين اضطر الأمر إلى تكليف ثلاث شخصيات من دون الوصول إلى تأليف إلا بعد تضييع الكثير من الوقت، وهو ما لن يكون مُتاحًا أساسًا في الظرف الحالي، باعتبار أنّ البلاد تقترب من الدخول في المحظور، مع نهاية “العهد” في تشرين الأول.
 
فتش عن باسيل! 
لكنّ “مقاربة” الفريق الرئاسي للاستشارات لا تجد صداها لدى الكثير من خصوم “العهد”، ممّن يعتبرون أنّ “بصمات” رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل حاضرة على خطّها، خصوصًا أنّ التوافق ولو كان محبَّذًا ومطلوبًا، ولا سيّما في مثل هذه الظروف الاستثنائية، إلا أنّه “يفرغ” في مكان ما الاستشارات من مضمونها، ويجعل مهمّة النواب مجرّد “المصادقة” على قرار متّخَذ سلفًا، وفق ما يرى هؤلاء.
 
ويذهب هؤلاء إلى اعتبار أنّ المشكلة تكمن تحديدًا في “القطبة المخفيّة” خلف “التوافق” الذي يريده عون، ومن خلفه باسيل، وهو ليس تحديدًا على هوية رئيس الحكومة الذي سيُكلَّف تشكيل الحكومة، بل الغوص في شكل الحكومة وتركيبتها، وربما أسماء أعضائها، وقد بدأت العديد من التسريبات تتداول حول “شروط” يضعها باسيل مثلاً، ومن شأن هذا أن “يفرغ” مهمّة رئيس الحكومة المكلف من مضمونها، وهو المفترض به تأليف حكومته بطبيعة الحال.
 
يقول خصوم “العهد” إنّ الوزير باسيل اختصر الأمر في إطلالته التلفزيونية الأخيرة، لا من خلال الهجوم الذي شنّه على الرئيس نجيب ميقاتي فحسب، ولكن من خلال إيحائه بوجود “قائمة شروط” على أيّ شخصية مكلَّفة، بما قد “يتقاطع” مع كلام رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الذي اتهم باسيل، مكتفيًا بالإشارة إلى الحرف الأول من اسمه، بأنّه يحاول التوصّل إلى تشكيل حكومة يحتفظ من خلال بالمكاسب التي تمتّع بها على امتداد سنوات “العهد”.
 
يقول البعض إنّ اهتمامًا “استثنائيًا” بالاستشارات يعود إلى كون الحكومة المزمع تشكيلها ستكون، إن شُكّلت، الأخيرة في “العهد”، لكن قبل ذلك، من ستستلم عمليًا صلاحياته في حال حدوث “الفراغ”. قد لا تكون المشكلة الفعلية في السيناريوهات والحسابات، بقدر ما تكمن في اعتبار هذا الفراغ بمثابة “تحصيل حاصل”، وسعي البعض للتعويض من خلال حكومة “يستأثر” بها بشكل أو بآخر!