كتب محمد شقير في “الشرق الاوسط”: قال مصدر بارز في المعارضة إنه يتعذّر على رئيس الجمهورية ميشال عون الرهان على أن ترحيل الاستشارات النيابية لتسمية الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة إلى الخميس المقبل مما سيفتح له الباب للدخول في بازار سياسي مع الكتل النيابية للاتفاق معها على اسم الرئيس المكلف لتأتي الاستشارات تتويجاً لهذا الاتفاق، ورأى أنه لم يعد له من خيارات بديلة لقطع الطريق على تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي كونه لا يزال الأوفر حظاً لتأليف الحكومة العتيدة، خصوصاً أن رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل لم يوفّق في استمزاج آراء بعض الكتل النيابية لإقناعها بالعدول عن تسمية ميقاتي.
ولفت المصدر البارز في المعارضة إلى أن تأجيل الرئيس عون للاستشارات لن يكون لمصلحته حتى لو تذرّع بأنه في حاجة إلى مزيد من الوقت لتسهيل مهمة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة من دون أن يواجه العقبات التي اعترضت معظم أسلافه، وقال لـ”الشرق الأوسط” إنه يتعذّر عليه إيجاد الفدائي الذي يطلب منه طلب تأجيلها كما فعله في السابق بإيكاله المهمة إلى رئيس حزب “الطاشناق” النائب هاغوب بقرادونيان أثناء تكليف زعيم تيار “المستقبل” الرئيس سعد الحريري بتأليف الحكومة التي لم تر النور بعد أن اعتذر عن تشكيلها.
وأكد أن الرئيس عون استبق تحديد موعد الاستشارات بتمريره لائحة من الشروط إلى الرئيس ميقاتي بقوله أمام عدد من السفراء والنواب إن لديه ثلاثة شروط يُفترض أن يلتزم بها من ترشّحه الكتل النيابية لتولّي رئاسة الحكومة، أولها إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وثانيها موافقته على سلة من التعيينات سبق لباسيل أن أدرجها في صلب مطالبه، وثالثها إقرار التدقيق الجنائي بما يسمح باسترداد الأموال التي حُوّلت إلى الخارج بعد الانتفاضة الشعبية في 17 تشرين الأول 2019.
وكشفت المصادر نفسها أن ميقاتي أوصد الأبواب في وجه مطالبة عون بالتزامه بهذه الشروط واضطر للرد عليه ناصحاً إياه بإفساح المجال أمام مرشّح آخر لتولّي رئاسة الحكومة.ورأت أن ميقاتي أُحيط مجدداً بالشروط التي يضعها عون ما اضطره للقول أول من أمس أمام زواره بأنه صامد بشروطه الوطنية التي يتمسك بها لإنقاذ البلد في حال أن الأغلبية النيابية سمّته لترؤس آخر حكومات العهد الحالي.
ونقلت عن ميقاتي قوله بأنه لن يتزحزح عن شروطه ولن يرضخ للضغوط ولا للابتزاز لأنه ليس في وارد الدخول في مقايضة مع أحد مقابل تكليفه بتشكيل الحكومة يراد منه بأن يكون مشرفاً على تمديد الأزمة، فيما نقف على مشارف الانهيار الشامل.لن يتمكن عون بترحيله الاستشارات إلى الخميس المقبل من فتح بازار سياسي يريد من خلاله استدراج العروض لأكثر من مرشح لتولّي رئاسة الحكومة لدفع ميقاتي إلى تقديم تنازلات مع أنه يدرك سلفاً بأنه لن يلقى الحد الأدنى من التجاوب، وسيكتشف بأنه لن يجد من يتجاوب معه سوى أهل البيت وعدد من الطامحين للانضمام إلى نادي المرشحين لرئاسة الحكومة لإدراكهم سلفاً بأن ميقاتي يبقى المرشح الأوفر حظاً ويلقى تأييد غالبية الكتل النيابية بالتلازم مع شبكة الأمان السياسية التي يوفّرها له المجتمع الدولي.