فيما يعد لبنان الأيام الفاصلة عن نهاية حزيران حيث يفترض ان يعود مجددا الى بيروت الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين بعد زيارته تل ابيب، حاملا الجواب الاسرائيلي على الطرح اللبناني في شأن الخطوط والحقول ومفاوضات الناقورة، فإن اسرائيل منهمكة باتفاقاتها الغازية مع اوروبا ومصر، حيث جرى توقيع مذكرة تفاهم بين مصر و”إسرائيل” لتصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا، بالتزامن مع اجتماع منتدى غاز شرق المتوسط، الذي يجمع مسؤولين من الدول الثماني أعضاء المنتدى، وهي: مصر وإسرائيل واليونان وقبرص وفلسطين والأردن وإيطاليا وفرنسا، وهذا من شأنه أن يمكن “إسرائيل” من تصدير غازها إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب في الموانىء المصرية.
لبنان يترقب، فيما اسرائيل تعمل على استخراج غازها،مستفيدة من حاجة أوروبا اليه. وفرنسا التي ستستفيد من غاز كاريش تدعو لبنان إلى حل دبلوماسي للحدود البحرية عبر التفاوض واوصت القوى السياسية الاساسية في طليعتها حزب الله، ضبط النفس والتزام الموقف الرسمي اللبناني وعدم اخد البلد نحو التصعيد العسكري.وفي هذا الاطار يمكن القول ان هوكشتاين اطلع من السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو خلال لقائهما الذي غلب عليه الطابع البروتوكولي، نظرا لدور باريس في لبنان، على موقف حزب الله من الترسيم ومن استجلاب اسرائيل للمنصة اليونانية الى حل كاريش.
ووفق مصادر مطلعة على الموقف الفرنسي لـ”لبنان24″، فإن أوروبا بشكل عام وفرنسا بشكل خاص تبدو مغيبة او غائبة عن ترسيم الحدود البحرىة للبنان مع فلسطين المحتلة لكونها منشغلة بالحرب على حدودها الشرقية( العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا)، واكتفت فرنسا بدور الاطفائي لملف الترسيم المشتعل لبنانيا واقليميا، و نجحت إلى حد كبير في مهمتها. فهي قدمت خدمة مهمة لأوروبا اولا وفتحت لنفسها بابا في ملفات المنطقة، ولم تخرج عن الإجماع الاوروبي، نظرا الى ان ملف الغاز له تداعيات إقليمية ودولية خطيرة ويدخل ضمن الأوليات الحياتية لأوروبا..
وبهذا تكون اوروبا، وفق المصادر نفسها، قد نجحت في حفظ مصالحها وإنقاذ ما يمكن انقاذه، بغض النظر عما فعله هوكشتاين مع اللبنانيين الذين ادخلوا أنفسهم في دوامة السياسة الداخلية الضيقة. وليس صحيحا ما يقال ان أوروبا مهتمة بالحقول اللبنانية لتعويض ما خسرته من مصادر طاقة نتيجة الحرب الاوكرانية ، فليس الغاز والنفط اللبناني ضرورة ملحة و حياتية لأوروبا، فهو نفط غير موجود في الأسواق ولن يكون متوفرا قبل 5 سنوات على الاقل ولن تنتظر أوروبا حتى ذلك التاريخ .
والاكيد وفق المصادر نفسها أن المهمة التي اوكلتها فرنسا لنفسها هي إعادة صياغة النظام في لبنان و حماية هذا البلد اولا،وليس النفط والغاز الذي تنظر اليه باريس كنتيجة لاعادة صياغة لبنان الدولة .
وان كانت أوروبا تتابع بدقة زيارة المبعوث الأميركي بالعيون الفرنسية، فانها تراقب الخطوط السياسية في لبنان والمنطقة وليس الجانب النفطي والبلوكات والخطوط وارقامها. فالفرنسيون خاصة والأوروبيون عامة يعرفون جيدا معنى السيادة و خطوط الحدود و المصالح ، كما يعرفون الدور الأميركي ومصالح اسرائيل والواقع اللبناني، تقول المصادر نفسها. لذا فإن فرنسا الضالعة في ملف لبنان وتوازناته تعرف من تفاوض من القوى السياسية الاساسية. اما هوكشتاين فمن وجهة النظر الأوروبية قد نجح أيضا في مهمته قبل أن يصل إلى لبنان ، كما يقول فرنسيون مطلعون على ما جرى، وهو ما أعلنه من بيروت.
وخلاصة ما توصل اليه هوكشتاين في بيروت هو تأجيل البحث في موضوع الترسيم و البلوكات إلى أجل غير مسمى في الوقت الذي وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقية شراء كامل الغاز الإسرائيلي والمصري، مما أعطى فرصة جديدة لإعادة النظر بكل الملفات الإقليمية المشتعلة ( سوريا- تركيا- ايران) واهمية إعادة بناء الدولة في لبنان.