لم تحسم موقفها بعد.. لماذا يشارك نواب “كتلة التغيير” في الاستشارات فرادى؟!

17 يونيو 2022
لم تحسم موقفها بعد.. لماذا يشارك نواب “كتلة التغيير” في الاستشارات فرادى؟!


منذ دعوة رئيس الجمهورية إلى الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس جديد للحكومة يوم الخميس المقبل، تُطرَح الكثير من علامات الاستفهام حول بعض “خفايا” الدعوة، وعلى رأسها سبب “تأخير” موعد الاستشارات أسبوعًا كاملاً، رغم دقّة المرحلة، ودور رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل المضمر في ذلك.
 
لكنّ ما أثار الكثير من “الالتباس” أيضًا تمثّل في جدول الاستشارات الذي تضمّن لقاءات “منفصلة” مع نواب كتلة “التغيير”، حيث وُضِعوا ضمن النواب “المستقلين”، غير المنتمين لأيّ كتلة، على أن يُمنح كلّ منهم خمس دقائق، ليبلغ رئيس الجمهورية على حدة باسم مرشحه لرئاسة الحكومة، فضلاً عن نظرته لشكل وتركيبة الحكومة المقبلة.
 
إزاء ذلك، طُرحت الكثير من علامات الاستفهام، فلماذا يشارك نواب كتلة “التغيير” في الاستشارات فرادى؟ هل يعبّر عدم قدرتهم على الانتظام في كتلة متجانسة واحدة، أنّهم تفرّقوا وتشتّتوا عمليًا؟ هل يعني ذلك أنّ تبايناتهم واختلافاتهم لا تزال أقوى من قدرتهم على الاتحاد؟ وقبل هذا وذاك، هل يذهبون إلى الاستشارات بموقف غير موحَّد؟!
 
مسألة “شكليّة”
يرفض المحسوبون على نواب “التغيير” كلّ التفسيرات الخاطئة، بل “المضلّلة” كما يصفونها في هذا الإطار، مشيرين إلى أنّ المسألة “شكلية” إلى حدّ بعيد، وثمّة بينهم من يلمح إلى إمكانية أن يذهبوا إلى الاستشارات في كتلة واحدة، إذا ما تمّ الانتهاء من بعض “التفاصيل”، كما يقولون، قبل يوم الخميس المقبل، خصوصًا أنّ الجدول الموزّع ليس “مقدَّسًا” في النهاية.
 
يشير هؤلاء إلى أنّ المسألة “الشكلية” ترتبط عمليًا بعدم انتظامهم بصورة رسمية في كتلة واحدة حتى الآن، إذ إنّ دوائر القصر الرئاسي تلتزم بتوزيع النواب والكتل كما تأتي من الأمانة العامة لمجلس النواب، وطالما أنّ الأخيرة لم تتلقَّ بعد إشعارًا رسميًا بتشكيل أيّ كتلة، فهي تعتبر كلّ النواب غير المنتمين إلى كتل “مستقلّين”، علمًا أنّ التأخير الحاصل في تشكيل “التكتل الموعود” مرتبط بمسائل إجرائية ليس إلا، خصوصًا أنّهم يعملون على صياغة برنامج عمل واضح.
 
أما الحديث عن تباينات واختلافات جعلتهم يتفرّقون باكرًا جدًا، فلا يجد صدى بالنسبة إلى نواب “التغيير”، لأنّهم من اليوم الأول، لم يعلنوا عن أنفسهم “تابعين” لأحد، وهم وإن انتظموا في كتلة واحدة، سيسعون إلى ضمان “خصوصية” كل نائب، كما أنّ هذه الكتلة ستكون “نموذجية” تحفظ استقلالية كلّ أعضائها، الذين لن يعيَّن أيّ منهم “رئيسًا”، علمًا أنّ اتحاد هؤلاء النواب واضح، بدليل الاجتماعات التي عقدوها الأسبوع الماضي، في ملفّ الترسيم البحري.
 
الخلاف حاصل؟!
رغم ما يقوله المحسوبون على نواب “التغيير”، ثمّة من يؤكد أنّ خلافًا جوهريًا حصل بينهم، ربطًا باستحقاق استشارات التكليف، ولكنّه عائد في جانب أساسيّ منه إلى الاستحقاقات السابقة، وما يعتبرها البعض “خطايا” ارتُكِبت، وذلك في إشارة إلى انتخابات رئيس المجلس ونائبه وأميني السر، واستُتبِع في انتخابات اللجان، حيث اتُهِموا بـ”الشعبوية” التي جعلتهم يخسرون فرصهم للتأثير داخل البرلمان، بغيابهم عن اللجان الأساسية والمهمّة.
 
وانطلاقًا من هذه التراكمات، يقول البعض إنّ الخلاف وقع في ملف استحقاق رئاسة الحكومة، إذ يصرّ فريق منهم على عدم تكرار “خطيئة” تبنّيهم لترشيح غسان سكاف لموقع نائب رئيس البرلمان، ويرفض بالتالي أيّ “تنسيق” مع الأحزاب التقليدية، بما يناقض شعارهم الشهير “كلن يعني كلن”، فيما يعتبر فريق آخر أنّ مثل هذا الموقف “شعبوية خالصة”، وأنّ الهدف من وجودهم هو التغيير، وبالتالي لا بدّ من وضع اليد بيد هذه الأحزاب من أجل فرض رأيهم.
 
وبين هذا الرأي وذاك، يقول المحسوبون على نواب “التغيير” إنّ موقفًا “موحّدًا” سيلتزم به جميع نواب “التغيير” في اللحظة “الحاسمة”، رغم تأكيدهم أنّ مثل هذا الموقف لم يُتّخَذ بعد، وأنّ النقاشات لا تزال مستمرّة، على أن يكون “الحسم” خلال الأيام القليلة المقبلة الفاصلة عن الاستشارات، علمًا أنّهم يؤكدون أنّ البحث بالأسماء لم يبدأ بعد، وأنّه سيكون لهم “مرشحهم” في النهاية، سواء بالتنسيق مع سائر القوى المعارضة، أو من دونه.
 
قد لا تكون مسألة جدول الاستشارات سوى “تفصيل” لا يقدّم ولا يؤخّر، وقد لا تكون “التباينات” بين نواب “التغيير” بالأمر الكبير، وقد تتكرّس الكتلة “الجامعة” لهم، أو يبقون مستقلّين ينسّقون فيما بينهم، لكنّ الأكيد أنّ هؤلاء النواب يخوضون تجربة جديدة عليهم، وهم الذين اعتادوا على “ساحات” من نوع آخر، إلا أنّ مشكلتهم الكبرى تبقى في أنّ “العين عليهم”، ما يزيد من الضغط، ويعقّد المهمّة الملقاة على عاتقهم أكثر وأكثر!