لم يتعافَ لبنان بعد من مشكلة كورونا، كما العالم اجمع حتماً، ولكن أسئلة مستجدة بدأت تتعالى بشأن ما اذا كان من الممكن أن يتحول فيروس جدري القرود بعد تسجيل اول حالة محليا، والتهاب الكبد الوبائي او اليرقان الى وباء مثلما حصل مع كوفيد 19، في بلد يشهد على انهيار القطاع الصحي وصعوبة الاستشفاء للعدد الأكبر من العائلات اللبنانية، وخصوصاً مع سرعة انتشار مرض اليرقان في مناطق الشمال والبقاع.
لعل المؤلم في لبنان حقاً هو أنّ البيئة المجتمعية والصحية تساعد على تكاثر الفيروسات في مناطق مختلفة، لجهة التلوث في المياه والطعام والنظام الصحي غير السليم، يُضاف اليه الحالة الصحية المتأزمة لناحية غياب الضمان والتأمين، وصعوبة الحصول على دواء لفقدانه او لغلاء أسعاره، وإن حصلنا عليه، فغالباً ما يتم تسعيره على أساس سعر صرف السوق الموازية.
وكان “لبنان 24″ أول من حذر من مرض الصفيرة او التهاب الكبد الوبائي، بعد نشر تحقيق قبل 6 اشهر، رصد إصابات باليرقان، مع التحذير من ضرورة الانتباه والوقاية من اتساع رقعة الانتشار. يمكن الاطلاع على المقال، من خلال الضغط هنا:
وبحسب الاخصائي في امراض الضغط والكلى الدكتور نضال المولى، الذي تابع تلك الحالات وتحدث عنها في المقال الانف الذكر، فأنّه أعاد التأكيد مجددا وفي حديث لـ”لبنان 24” عن ضرورة التنبه من الحالة الصحية المستجدة وخصوصاً في ظل ضعف المناعة الذاتية والصحية التي أصابتنا في فترة كورونا وما بعد كورونا.
يقول المولى: “اليوم، ضعفت مناعتنا بعد كورونا، وسبق أن حذرنا من خطورة الأمور، ونعيد تكرار نفس السيناريو ليتحمل الجميع المسؤولية، سواء الوزارات المعنية او المواطن. ولكن المواطن لا يمكنه تحمل كل التبعات اليوم، كأن نقول له لا تشرب من المياه، فكيف له أن يعرف ما اذا كانت ملوثة ام لا، ليست مسؤوليته حتماً، ولطالما حذرنا من خطر تلوث المياه والانهار”.
يقول المولى: “لا يمكن تجاهل الوضع الصحي الذي رافق مرحلة كورونا وما بعدها، واليوم لم نشف بعد من كوفيد 19 حتى تفاجئنا باليرقان وبعده جدري القرود. أمّا أخطر ما في المسألة، فهو ربط المسائل الصحية ببعضها البعض، بمعنى أنّ بعض الأطباء خرجوا اليوم ويجاهرون بأنّ موجة جديدة من كورونا ستضرب العالم، إضافة الى توقعات بحدوث فيروس جديد اكثر فتكا. وهو ما يعيد الى أذهاننا فرضيات محتملة حول إعادة السؤال عما اذا كانت هذه الفيروسات مصنعة ام بفعل الطبيعة والحيوانات”.
يربط المولى ما يحصل على المستوى العالمي، “بعد الحرب على أوكرانيا، انخفض معدل الإصابات التي كانت تبلغ 1000 يوميا الى صفر اصابة، لم نعد نسمع عن حرب اللقاحات ولا عن بروتوكلات علاجية، حتى خرج أحد الأطباء في منظمة الصحة العالمية ليقول لقد طويت صفحة كورونا. لذا امام هذه الفوضى نسأل الكثير من الأسئلة في ظل وضعنا الضعيف والتعيس في لبنان، والتخوف من انهيار القطاع الصحي، لذلك فلنبدأ اليوم قبل الغد بالحل”.
أمّا الحلول فلتبدأ بأضعف الايمان، ويتابع المولى: “تنظيف المياه والانهار أولا وأخيرا هو الحل بما يختص بانتشار اليرقان، إضافة الى أهمية التوجيه الصحي. نعلي الصوت اليوم ونقول للجميع نحن في وضع صحي متأزم، ولتكن البداية من مكان ما فحياة الناس في خطر، كي لا نقع في كارثة اكبر”.
وحتماً، يُضاف الى الملف الصحي ضرورة تأمين الادوية للامراض المستعصية ولقاحات الأطفال، لتقليل قدر الإمكان من حالات التدخل الطبي الطارئ في حال إصابة أحد المواطنين سواء بكورونا او الصفيرة او جدري القرود.
الصفيرة أ
وبالعودة الى اليرقان، وهي الحالة الصحية المستجدة والأخطر مقارنة بكورونا وجدري القرود، فمن الناحية الطبية، يشير المولى الى وجود 3 عوامل تؤدي الى انتشار اليرقان او ما يُعرف اليوم بالتهاب الكبد الوبائي: “السبب الأول داخلي ويأتي نتيجة انسداد بالقنوات الصفراوية، أو ورم في البنكرياس، او بسبب التسمم في الطعام والشراب والبكتيريا الملوثة”.
ويقسم اليرقان الى مجموعات، في لبنان نعاني من “الصفيرة أ”، بحسب تصنيف وزارة الصحة. وبحسب المولى: “لا خطورة لغاية اليوم، ولكن حتماً هناك حالات قد تستدعي الدخول الى المستشفى، وقد نصل الى تدخل جراحي في حال حصول انسداد في القنوات الصفراوية”.
أما عوارض الفيروس فيعاني المرضى منه من مضاعفات مشابهة لعوارض الإنفلونزا أي حمى في الجسم وقشعريرة، فقدان الشهية للطعام، غثيان، يرقان (اصفرار الجلد والعينين)، وكذلك تحول البول إلى اللون الداكن وتحول البراز إلى اللون الفاتح، إضافة الى ألم في الجزء الأيمن العلوي من البطن، وضعف عام أو إعياء.
تجدر الاشارة إلى أنّ هذا الفيروس قد يتحوّل إلى مرض مزمن يؤدي الى تشمّع الكبد أو إصابته بسرطان في حال عدم معالجته. أما طرق الوقاية منه فتكون أولا واخيراً من خلال النظافة، وخصوصاً غسل اليدين جيداً قبل تناول الطعام، وغلي ماء الشرب في حال عدم التأكد من سلامتها، وتجنب الطعام النيئ، والفواكه التي تؤكل بدون تقشير.
جدري القرود
وسواء من ناحية جدري القرود أو التهاب الكبد الوبائي، فإنّ وزارة الصحة طمأنت مراراً بأنّ الوضع لا يزال تحت السيطرة، ولا ضرورة لاعلان حالة طوارئ صحية، ولكن ما يتخوف منه البعض هو انّ يتكرر سيناريو كورونا، مع تفاقم الازمة الصحية اليوم.
وطلبت وزارة الصحة من المواطنين اتخاذ إجراءات الوقاية لتجنب الإصابة بجدري القرود، ومنها الالتزام بالمسافة الآمنة مع الأشخاص المصابين وعدم مشاركتهم أغراضهم الخاصة، وعدم الاحتكاك مع الحيوانات في الدول التي يستوطن فيها المرض، وتجنب تناول لحوم الحيوانات البرية.
كما دعت المواطنين للتواصل مع “الخط الساخن 1787″، للحصول على مزيد من المعلومات فيما يتعلق بجدري القرود.