كتب نقولا ناصيف في” الاخبار”: المتوقع في الاستشارات النيابية الملزمة اليوم، بسيط للغاية وحقيقي للغاية أيضاً. تنتهي بتكليفٍ يسلّم به رئيس الجمهورية أياً يكن المسمَّى له. من ثم يبدأ شقاء الشخص المختار بصعوبات ليس أقلها:
1 ـ إن المناورة الدارجة منذ عام 2008، وأول آبائها الرئيس فؤاد السنيورة، غير ذات جدوى: أن يضع الرئيس المكلف التكليف في جيبه ويتلطى وراءه، ويمرر الوقت عساه ينهك الأفرقاء مفاوضيه، كما رئيس الجمهورية، حتى يتعبوا ويسلّموا بشروطه، إن لم يبرم اتفاقاً معهم. هذه المرة عليه أن يمر من خرم إبرة ما تبقى من الولاية: إما يؤلفها سريعاً قبل الوصول إلى المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس الجديد أو ينتهي أمر تكليفه. لا يملك أن يتسلى به ويهدر الأيام، وينتظر تبادل الأسماء واللوائح. سيكون أمام قيد غير محسوب يصعب التلاعب به.
2ـ ما يقتضي أن لا يُنسى أن عون، وإن في السنة الأخيرة في ولايته، لا يزال يملك أقوى أختام الجمهورية. هو توقيعه مراسيم تأليف الحكومة. هذه المرة كي ينجو الرئيس المكلف بحكومة جديدة قبل ولوج الشغور الرئاسي، عليه أن لا يكتفي بالحصول على موافقة الرئيس على تشكيلتها، بل كذلك عدم إغضاب حلفائه الرئيسيين. المقصود هنا بالذات حزب الله. مؤدى ذلك أن لا حكومة متوقعة يمكن فرضها على الرئيس، ولا يصبح ذا أهمية نيل الرئيس المكلف عند تسميته نسبة عالية من الأصوات، عارفاً في نهاية المطاف أنه سيقرع أبواب ختم رئيس الجمهورية. الذي يصحّ أيضاً، على الأقل بحسب ما قاله عون أخيراً، أنه يفضّل حكومة سياسية. سبب إضافي لحجب الختم عن حكومة تصريف الأعمال معوَّمة وإن بمراسيم جديدة كما يرغب ميقاتي.3 ـ لأن انتخابات 15 أيار أفضت إلى برلمان الأقليات المتعارضة، سيكون من الصعب على الرئيس المكلف التحوّل إلى كيميائي ناجح، يُحدث معادلة تنجم عن خلط أقليتين بعضهما ببعض، هما أقرب ما تكونان إلى زيت وماء. الأفرقاء المؤيدون لتكليف ميقاتي، كالثنائي الشيعي ومعه حلفاؤه المتفرّقون، يصعب تجاهله لأسباب مباشرة غير خافية مرتبطة بحجمه في طائفته وإمساكه بها وبفائض قوته وبتحالفه ـ في أحسن الأحوال حزب الله ـ مع عون. والأفرقاء المناوئون لتكليف ميقاتي لا يُحسَدون على حيرتهم: بينهم مَن يريد مرة ولا يريد مرة أخرى سلام، وبينهم مَن اختار سلفاً الورقة البيضاء، وبينهم مَن لا يزال يبحث عن اسم ثالث، وبينهم مَن ينتظر الدقيقة الأخيرة للمقايضة، وبينهم أخيراً مَن لا يُحسب حسابهم. أما المؤيدون لتكليف السفير السابق ـ ذي الكفاية العالية والمقدَّرة ـ فلا يعدو موقفهم سوى زكزكة الحماة بالكنّة.