“الاشتراكي” لا يريد المشاركة في الحكومة المقبلة.. كيف يُقرَأ موقفه؟!

23 يونيو 2022
“الاشتراكي” لا يريد المشاركة في الحكومة المقبلة.. كيف يُقرَأ موقفه؟!


فاجأ “الحزب التقدمي الاشتراكي” الكثيرين بالموقف الذي اتخذته كتلة “اللقاء الديمقراطي” عشية الاستشارات النيابية الملزمة، ليس بالضرورة لشخص المرشح الذي اختار التصويت له لتكليفه تشكيل الحكومة، أي السفير نواف سلام، ولكن لجهة “تمايزه” عن معظم “الحلفاء والأصدقاء”، ولا سيما حزب “القوات اللبنانية”، ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
 
إلا أنّ ما بدا مفاجئًا أكثر في موقف “التقدمي الاشتراكي” برأي الكثير من المراقبين، تمثّل في إعلانه أنّه “لا يريد” المشاركة في الحكومة المقبلة، بمُعزَلٍ عن هوية رئيسها، وذلك خلافًا للاعتقاد الذي ساد في الآونة الأخيرة، بأنّه سيطالب بأن تكون “الحصّة الدرزية” ملكه وحده، خصوصًا بعد الهزيمة التي مني بها “خصومه” في الانتخابات النيابية.
 
إزاء ذلك، طُرِحت العديد من علامات الاستفهام حول دلالات موقف “الحزب التقدمي الاشتراكي” ومقاربته لملف التأليف، وما إذا كان أصبح من دعاة فكرة حكومة “الأكثرية”، أو أنه ربما يريد تكريس نفسه في خانة المعارضة الجديدة، إلى جانب سائر القوى السيادية والتغييرية، ولا سيما أن ملامح مشهد “شبيه” بـ14 آذار بدأت ترتسم في الواقع السياسي.
 
المطلوب حكومة “إصلاحية”
 
بغضّ النظر عن التفسيرات والتأويلات التي أعطيت لموقف كتلة “اللقاء الديمقراطي” عشية الاستشارات النيابية الملزمة، يقول المحسوبون على “الحزب التقدمي الاشتراكي” إنّ ما أراد الأخير قوله عمليًا كان أنّ الحكومة المطلوبة في هذه المرحلة ليست حكومة “سياسية”، تتقاسم فيها الأحزاب الحصص والمغانم، وإنّما حكومة بمواصفات خاصة، ترفع “الإصلاح” شعارًا وعنوانًا، وتكون بالتالي “إصلاحية” في الشكل والمضمون.
 
ويذكّر هؤلاء بتصريح رئيس كتلة “اللقاء الديمقراطي” تيمور جنبلاط قبل فترة، والذي جاء فيه أنّ المرحلة القاسية التي يمرّ بها لبنان اليوم، والواقع المؤلم الذي يعيشه المواطنون، كلّها عوامل تدعو إلى تشكيل حكومة “إصلاحية ومنتجة خارج التنازع السياسي”، وهو بالذات ما ذهبت إليه الكتلة، مستبقة “التناتش” المتوقع بين الأحزاب والقوى السياسية على الحصص، من دون أن ننسى بدع “الثلث المعطل”، وكذلك “الوزارات المحسومة” لهذا الطرف أو ذاك. 
 
من هذا المنطلق تحديدًا، يقول البعض، فضّل “الاشتراكيون” عدم التصويت للرئيس نجيب ميقاتي، رغم أنّ العلاقة بين الطرفين ممتازة إلى حدّ بعيد، وبشهادة الطرفين، علمًا أنّ هناك من لا يستبعد أن تكون “حسابات” محاور المعارضة لعبت دورها في خيار “اللقاء الديمقراطي”، خصوصًا بعد الانتقاد الذي وجّهه رئيس الحزب وليد جنبلاط للقوى المعارضة بعد انتخابات هيئة مكتب المجلس، لجهة عدم اتحادها.
 
هل يوزَّر “دروز 8 آذار”؟!
 
لا يعني ما تقدّم أنّ “الحزب التقدمي الاشتراكي” سيعزل نفسه عن مشاورات تأليف الحكومة الذي ينبغي على الرئيس الذي سيكلّفه النواب أن يجريها بدءًا من مساء اليوم، أو أنه يترك الساحة “شاغرة” ليملأها “دروز 8 آذار” مثلاً، وفق ما ذهبت بعض التفسيرات والتأويلات، باعتبار أنّهم “البدلاء الطبيعيون” لـ”الحزب التقدمي الاشتراكي”، ولا سيما أنّهم مدعومون من “حزب الله”، الذي قد يجد في موقف الأخير “ذريعة” للمطالبة بتمثيل حلفائه.
 
يقول المحسوبون على “الحزب التقدمي الاشتراكي” إنّ هذا الأمر هو بمثابة “خط أحمر” لا يجوز تمريره، فالقوى الدرزية المحسوبة على قوى “8 آذار” هُزِمت في الانتخابات الأخيرة، رغم كلّ “الوعيد” الذي أطلقته، حين أوحت بأنّها ستلحق “الهزيمة النكراء” بجنبلاط، فإذا بها تفشل في حجز أيّ مقعد لها، بما فيها رئيس “الحزب الديمقراطي” طلال أرسلان، الذي تُرِك له مقعد شاغر على جري العادة في اللائحة “الاشتراكية”.
 
بالنسبة إلى هؤلاء، فإنّ “التغييريين” أوْلى من “دروز 8 آذار” بالتمثل في الحكومة، بما أنّ نائبَين عنهم وصلا إلى الندوة البرلمانية، هما فراس حمدان ومارك ضو، إذا كان التفكير على طريقة “المحاصصة التقليدية”، إلا أنّ هذا الأمر أيضًا غير محبَّذ، لأنّ ما يريده “الاشتراكيون” هو الذهاب إلى حكومة متخصصين تكون قادرة على معالجة الأزمة الكبرى، وهم يعتبرون أنفسهم “الأقدَر” على تسمية هؤلاء بطبيعة الحال، شرط ألا يكونوا من المحازبين أو المسيَّسين.
 
كثيرة هي الاعتبارات التي ربما قادت “الحزب التقدمي الاشتراكي” إلى الموقف الذي اتخذه، أولها ربما اعتقاده أن المرحلة تتطلب حكومة “تكنوقراط ومتخصصين”، وثانيها أنّ “الصراع” بين قوى المعارضة فرض نفسه على “الأجندة”. ولكن قبل هذا وذاك، ثمّة من يقول إنّ هذا الموقف جاء لقناعة “الاشتراكي” كما كُثُر بأنّ أيّ حكومة لن تؤلَّف في هذه المرحلة، بانتظار الاستحقاق “الأهمّ” الذي سيغيّر كلّ الموازين، أي انتخابات الرئاسة.