كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”:
من المفترض ان يبدأ رئيس حكومة تصريف الاعمال والرئيس المكلف نجيب ميقاتي استشارات نيابية غير ملزمة للاطلاع على آراء النواب فرادى وتكتلات حول شكل ومضمون الحكومة الاخيرة في عهد الرئيس ميشال عون.
لا شك في ان آلية التكليف والاصوات التي نالها الرئيس ميقاتي وكيفية توزعها قد حررته من كثير من الاعباء ومن الشروط، حيث بات معلوما ان ميقاتي يريد تشكيل حكومة قادرة على مواجهة الازمات واستكمال ما بدأته حكومة “معا للانقاذ” لا سيما على صعيد تفعيل التفاوض مع صندوق النقد الدولي، واقرار خطة التعافي بعد اعادة درسها في مجلس النواب، وانجاز ملف الكهرباء، وهو ليس بوارد الدخول لا في تسويات ولا في مساومات، كما انه ليس من هواة الدخول بمحاور سياسية او تقديم الهدايا الوزارية لهذا الفريق او ذاك.
لذلك، فإن الكرة ستكون بعد انتهاء الاستشارات النيابية غير الملزمة في ملعب الكتل النيابية وفي ملعب رئيس الجمهورية ميشال عون، خصوصا أن ميقاتي اشار الى انه سوف يقدم تشكيلة حكومية أواخر الاسبوع المقبل ما يعكس جديته في تشكيل الحكومة وعزمه على متابعة مسيرة وقف الانهيار من خلال حكومة وسطية بعيدة عن التحاصص.
لم يعد احد من اللبنانيين الذين يعانون الامرين بفعل الازمات التي تسرّع من وتيرة الانهيار، يقبل بنغمة فرض شروط هنا او معايير هناك، ولا أحد منهم يهتم للحصص داخل الحكومة او للنفوذ الذي يعزز فرص الوصول الى رئاسة الجمهورية، خصوصا ان “السيل قد بلغ الزبى” ووصلت الصعوبات الى حدود رغيف الخبز، ما يعني التهديد الفعلي للطبقات الفقيرة، ما يحتم تشكيل حكومة قادرة على معالجة الشؤون الحياتية اليومية وتأمين ابسط مقومات العيش للمواطنين الذين يتطلعون الى النتائج التي تساعدهم على مواجهة اعباء الحياة بمعزل عن اي شيءٍ آخر.
من هنا، فإنه يفترض بمن سمى الرئيس ميقاتي او لم يسمه ان يعمل على تسهيل مهمته في التأليف انطلاقا من الحاجة الماسة لحكومة كاملة الاوصاف في المرحلة المقبلة، علما، أن اليد الواحدة لا تصفق، والعربة لا تسير في حال تم وضع العصي في الدواليب، وبالتالي فإن استكمال المهمة الانقاذية ليست مسؤولية فردية يتحمل اعباءها الرئيس ميقاتي بل هي مهمة جماعية في بلد اكثرية تكتلاته النيابية مسؤولة عن الانهيار الذي وصل اليه، وهي اليوم جميعها ترتدي قناع الثورة وتتحدث بلغتها وكأن ما حل من اللبنانيين جاء وليد ساعته، أو ان هذه التكتلات وصلت للتو او قبل ايام الى السياسة اللبنانية وفوجئت بما يعانيه البلد من ويلات.
لذلك، لا احد يُعفى اليوم من المسؤولية، حيث من المفترض وبالرغم من صعوبة الامر بفعل المصالح والانانيات التي لا تنته، ان تعمل كل القوى السياسية على تسهيل مهمة الرئيس ميقاتي وتذليل العقبات امامه وان يسارع الرئيس عون الى توقيع التشكيلة الحكومية بعد التشاور بشأنها مع الرئيس المكلف، وان يضع مصالح صهره جبران باسيل جانبا ولو لمرة واحدة فقط من اجل شعب لبنان العظيم في نهاية عهده، وعندها يمكن ان تتحول الحكومة الى ورشة عمل وطنية انقاذية بمشاركة جميع الاطراف وفق قاعدة تحقيق المصلحة اللبنانية العليا، وما دون ذلك، فعبثا يبني البناؤون!..
(سفير الشمال)