كانت تتعرض للعنف الزوجي منذ سنوات من دون قدرتها على البوح. هي الشابة تهاني حرب (30 عامًا) والأم لولدين، التي ظهرت معاناتها إلى العلن بعد حادثة عنف جديدة تعرضت لها في بداية الأسبوع الحالي في بلدة سحمر في البقاع الغربي كادت أن تفقد خلالها حياتها، حيث أقدم زوجها على تعنيفها بشكل وحشي أدى إلى دخولها إلى المستشفى بحالة حرجة نتيجة نزيف داخلي حاد. وقد خضعت تهاني بسبب تعنيفها الأخير لعملية استئصال الطحال ومعالجة أربعة كسور في الأضلع.
هذه الحادثة أعادت إلى الواجهة قضية النساء المعنفات وذهنية المجتمع الذكوري بالأخص أنها تزامنت مع حادثتين الأولى تتعلق باغتصاب طفلة في أحد المخيمات الفلسطينية من قبل عدد من الرجال، أما الثانية فتتعلق بإقدام المواطنة (ض.غ) البالغة من العمر 14 عامًا، على الانتحار في بلدة قرحيا – الضنية، نتيجة الضغوط العائلية وإرغامها على الزواج من شخص لا ترغب به.
رغم الانفتاح الكبير الذي يعيشه المواطنون في لبنان إلا أن العقلية الذكورية لا تزال تطغى عليه بالأخص في بعض المناطق، فـ”الرجال” لا يستطيع أحد أن “يغبر عليه” لو مهما فعل مما يؤدي إلى حصول حوادث اعتداء جنسي عديدة و”لفلفة الملف من دون حس ولا خبر”، أما الزواج المبكر فلا يزال متواجدًا في المجتمع بالأخص نتيجة الأوضاع المعيشية المتردية التي تجبر الأهل على تزويج بناتهم بعمر صغير، ورغم مطالبة الجمعيات والمنظمات النسوية والحقوقية بإقرار قانون يحمي القاصرات من التزويج المبكر، إلا أن لا قانون أقر حتى الآن بالرغم من مناقشة لجنة حقوق الإنسان النيابية سابقًا اقتراح قانون يحدد سن الزواج بعمر 18 عامًا تقدم به “التجمع النسائي الديمقراطي”. وفي ما يتعلق بالعنف على النساء فحدث ولا حرج.
جمعية “كفى” أفادت “لبنان 24″ أنه تم تسجيل 8 حالات لقتل نساء من 22 آذار حتى 15 حزيران إضافة إلى حالة انتحار لا يزال ملفها قيد البحث للتأكد إذا كانت هذه الحالة هي فعلًا ناتجة عن انتحار أو عنف إضافة إلى إطلاق النار على سيدة نجت. وبالرغم من أنه على الصعيد الوطني لا توجد أرقام رسمية لحالات العنف إلا أنه وفق المعطيات المتوفرة بالنسبة لـ”كفى” منذ 2019 حتى اليوم أعداد المعنفات ازدادت 3 أضعاف عن الفترات السابقة. وفي 2021 هناك 1396 امرأة لجأت إلى الجمعية لطلب المساندة إضافة إلى متابعة الحالات السابقة.
الأخصائية الاجتماعية ومنسقة مركز الدعم في “كفى” سيلين الكيك، أفادت أن “الشكاوى بخصوص العنف الممارس على النساء تتزايد أكثر بالأخص بعد كورونا وانفجار 4 آب الذي دفع النساء أكثر لطلب المساندة، كما أن الدور الاقتصادي لعب دورًا كبيرًا في ازدياد حالات العنف على النساء”.
اللجوء للأهل بات صعبًا
وقالت: “المرأة التي كانت قادرة على مواجهة العنف أو اللجوء لأهلها أصبحت غير قادرة على ذلك بنسبة كبيرة بسبب الأوضاع الاقتصادية وأصبحت الأولوية لها تأمين احتياجات أولادها متحملة العنف الذي تتعرض له”.
وأضافت: “كما أن نقص الاستقلالية المادية يجعل بعض النساء يرضين بالواقع العنفي الذي يعشنه بالأخص أن فرص العمل قليلة”. القانون لا يرحم
وإضافة إلى نقص الاستقلالية المادية والأوضاع الاقتصادية المتردية لمعظم الأهالي الذين لم يعد باستطاعتهم أن ينفقوا على ابنتهم وأطفالها، فإن اللجوء إلى المحاكم وفق الكيك “بات صعبًا وفي حال توجهت المرأة المعنفة إلى إحدى المحاكم لطلب الطلاق والنفقة فمن الممكن أن تحصل على نفقة ولكن على أساس سعر الصرف الرسمي”. مسار قانوني بطيء
ويزيد عن العوامل السابقة عامل تعقيدات المعاملات الإدارية، ووفق الكيك، فإن “اللجوء إلى المخافر والدوائر الرسمية أصبح صعبًا إذ إن الوضع الاقتصادي أرغم عددًا من العاملين على عدم الحضور إلى مقرات أعمالهم فأصبح عدد العاملين قليلًا ما تسبب بعرقلة العملية القانونية”.
الحل: قانون موحد للأحوال الشخصية
وأكدت الكيك أن الحل الرئيسي لمعالجة ملف العنف ضد النساء وإعطائهن حقوقهن بشكل عام يكمن بإقرار قانون موحد للأحوال الشخصية وهو قانون يساوي بين النساء والرجال من حيث الحقوق والواجبات ويسهل القضايا على النساء.
ولفتت إلى أن “القانون يساوي بين جميع اللبنانيات إذ، إضافة إلى التمييز بين الرجال والنساء، هناك اختلاف في لبنان بين النساء وبعضهن والسبب هو أن الطائفة هي من تحكم في ما خص الزواج على سبيل المثال”، مشيرة إلى أن “القانون هو مرجع مدني لا ينظر فقط بقضايا الزواج بل بالحقوق ككل كالميراث وغيره”.