يجري الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي استشارات التأليف مع الكتل النيابية والمستقلين اعتبارا من بعد ظهر اليوم ليومين متتاليين وسوف يستمع إلى مقاربة الكتل النيابية والنواب المستقلين للحكومة الجديدة ومهامها ودورها، علما أن الرئيس ميقاتي يدرس، بحسب ما ينقل عنه زواره لـ”لبنان24″، التشكيلة الحكومية بعناية اخذا بعين الاعتبار كل المعطيات والظروف وهو جاد في العمل على إنهاء ما هو مناط به دستورياً في عملية التأليف قبل نهاية هذا الاسبوع، ضمن رؤية واضحة للأولويات الإصلاحية والاقتصادية واستكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، واقرار مشاريع القوانين المتعلقة بخطة التعافي المالي والاقتصادي ومن دون ان تشكل التشكيلة الحكومية بابا للنزاع مع اي مكون سياسي.
وبحسب آخر المعطيات، ثمة توجه لإحداث تغيير في حركة الحقائب فضلا عن تغيير في بعض الاسماء الوزارية، وهذا المعطى سوف يطرحه الرئيس ميقاتي مع الكتل السياسية كافة كما أنه سوف يتشاور مع رئيس تيار المستقبل سعد الحريري في ما خص بعض الاسماء ووزارات الصحة والداخلية والبيئة وسوف يأخد وقائع التكليف بعين الاعتبار لجهة تمثيل الكتل التي سمته لتأليف الحكومة.
في هذه المرحلة التي يطلق عليها البعض صفة الانتقالية والتي يجب ان تدار بأقل الخسائر الممكنة، تتعدد الطروحات حيال شكل الحكومة ومهامها وصلاحياتها، إلا أن الثابت، أن كتلة الوفاء للمقاومة التي ستلتقي الرئيس ميقاتي اليوم سوف تجدد التأكيد بحسب مصادرها لـ”لبنان24″، على موقف حزب الله لجهة الاسراع في تشكيل حكومة تتمثل بها القوى باختصاصيين وسياسيين، وبالتالي تأليف حكومة تكون قادرة على إنقاذ الوضع النقدي، تأمين الكهرباء، إقرار خطة التعافي، تثبيت سعر الليرة اللبنانية. أما في ماخص وزيري الحزب في الحكومة، فمن المرجح ان تعيد قيادة حزب الله تسمية الوزيرين علي حمية ومصطفى بيرم في الحكومة العتيدة، رغم أن الحزب، بحسب مصادره، لم يحسم بعد قراره النهائي في شأن التسمية، علما ان هذين الوزيرين يعتبران من أفضل الوزراء في حكومة “معا للانقاذ”.
وعلى خط عين التينة، فإن مقاربة رئيس المجلس النيابي نبيه بري لملف تشكيل الحكومة لا تختلف عن مقاربة رئيس الحكومة او مقاربة حزب الله، الا انه لم يبت بعد بأسماء الوزراء الشيعة المحسوبين على حركة أمل، فاعادة تسمية وزراء الحركة الثلاثة (يوسف الخليل، عباس الحاج حسن، محمد مرتضى) من عدمها تبقى رهن حساباته ومعطياته تجاه المرحلة المقبلة، خاصة وان شروط التيار الوطني الحر وطروحاته تثير الريبة عند حركة امل وهي غير قابلة للتحقق عند حليفه حزب الله قبل سواه، فالحزب يقول بحسب، بعض الاوساط السياسية، انه ادى قسطه للعلى تجاه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل خلال الانتخابات النيابية وبالتالي لا يمكنه ان يستمر في توفير الغطاء السياسي لشروطه خاصة وان المرحلة لا تحتمل النكد السياسي وتعطيل التاليف اشهرا بسبب الخلافات حول توزيع الحصص والتخاصم حولها.
ووفقا لأجواء المختارة، فإن كتلة اللقاء الديمقراطي لا تقارب ملف الحكومة من باب”الشكل”، فهي لن تشارك بحسب ما اعلنت، لكنها سوف تؤكد للرئيس ميقاتي ضرورة تأليف حكومة إنتاج وإصلاح قادرة على معالجة مختلف الأزمات واستكمال الاصلاحات المطروحة والمطلوبة من لبنان، علما ان هناك شبه يقين عند مسؤولي الاشتراكي باستحالة تاليف حكومة، اذا بقيت شروط البعض التعطيلية على حالها.
اما مسيحيا، فإن كتلة الجمهورية القوية التي لم تسم الرئيس ميقاتي لتأليف الحكومة، فإنها ستكون اليوم خلال اجتماعها اليه في المجلس النيابي مستمعة الى مقاربته لمعالجة الملفات. فحزب القوات، وبحسب ما تؤكد مصادره لـ”لبنان24″ لن يشارك في حكومة سياسية او وحدة وطنية. وما يهمه تشكيل حكومة تتالف من فريق عمل مصغر لمعالجة الاوضاع الاقتصادية، فهو يتطلع الى استحقاق رئاسة الجمهورية وما يليه، ويرفض الذهاب الى تعويم حكومة يسيطر عليها حزب الله لتدير ما يروج له من فراغ رئاسي.
وليس بعيدا، فإن تكتل لبنان القوي سوف يستمع الثلاثاء الى رؤية الرئيس ميقاتي لكيفية ادارة الحكومة العتيدة للمرحلة المقبلة لا سيما في ما خص الملفات التي طرحها التيار الوطني الحر والمتصلة بخطة التعافي المالي والاقتصادي ومسار التحقيق في انفجار مرفأ بيروت والالتزام بمعالجة القضايا اليومية وضرورة ذهاب مجلس الوزراء الى اقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بحسب ما تؤكد مصادر نيابية في التكتل لـ”لبنان24″، مضيفة على ضوء ما نسمعه من الرئيس المكلف سوف نحدد موقفنا من المشاركة في الحكومة او عدمها ومن مسألة منحها الثقة في المجلس النيابي، نافية وجود اي نيات مسبقة تجاه تعطيل التأليف او عدم المشاركة، مع تأكيدها اهمية تأليف حكومة تضم سياسيين واصحاب اختصاص لمحاكاة المرحلة، معتبرة ان البعض يعمل على تعطيل التأليف لكي تقوم حكومة تصريف الأعمال الحالية التي يرأسها ميقاتي بدور رئاسة الجمهورية في حال وقوع البلاد في الفراغ الرئاسي، الا اننا بالطبع متيقظون لكل ما يحاك او يحضر ولن نقف مكتوفي الايدي وتبقى نقاط قوتنا في عدم الافصاح عما يمكن ان نلجأ اليه دستوريا اذا سلكت الامور هذا المنحى.
اما على خط النواب التغييريين، فإنهم سيلتقون الرئيس ميقاتي ولن يتغيبوا، لكنهم في الوقت نفسه سوف يؤكدون موقفهم ورؤيتهم من عملية التشكيل وفق معادلة باتت واضحة للجميع: لا لحكومة وحدة وطنية لا سيما وان حكومات كهذه تعزز المحاصصة، تقول مصادر نيابية تغييرية لـ”لبنان24″، مشيرة الى ان عدم المشاركة في الحكومة العتيدة امر محسوم ونهائي ولا تراجع عنه طالما ان عملية اخراج الحكومات تتم بالشكل المتعارف عليه من تسويات وشروط وشروط مضادة لا تخدم الا واضعيها، فالمطروح اليوم لا ينسجم مع منهجيتنا وهذا ما سنبلغه للرئيس ميقاتي. ونتمى ان نكون على خطأ ويتم تشكيل حكومة تليق بنا وبالشعب اللبناني الذي يئن تحت وطأة الفقر والعوز والسياسيات الخاطئة. وبالتالي نحن لا يمكن ان ندعم الا حكومة مستقلة كليا عن الاحزاب وتضم اصحاب الاختصاص، كلا في موقعه.
وسط ما تقدم، فإن المعطيات الخارجية ربطا بالاجواء الديبلوماسية، تؤكد ان الغرب يريد تأليف حكومة في لبنان في اسرع وقت ممكن. وبحسب مصادر فرنسية، فإن باريس تستعجل المسؤولين السياسيين تشكيل حكومة شرعية تنال ثقة المجلس النيابي بعيدا عن شكلها خاصة وان الظروف التي رافقت اطلاق المبادرة الفرنسية قد تبدلت اليوم. وما يهم الاليزية في الوقت الراهن قطع الطريق على اي اجتهادات دستورية قد تبرز الى الواجهة مع انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ليل 30-31 تشرين الاول المقبل وهذا الامر يحتم تأليف حكومة جديدة، مع اشارة المصادر نفسها الى ان الاتفاق مع صندوق النقد لا تكمن اهميته فقط بقيمته المالية، انما لكونه سيفتح الباب على مصراعيه امام الاستثمارات والمساعدات الخارجية تجاه لبنان. وهناك شبه اتفاق بين الفرنسيين وحلفائهم الاقليميين( ايران والسعودية على وجه الخصوص) ان بوادر حل الازمة اللبنانية سوف تبدأ مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية وليس مع انتهاء ولاية الرئيس ودخول البلد في الفراغ، لان الشغور هو تمديد للازمة، مع اشارة المصادر الى ان طرح اقالة سلامة قبل انتهاء ولايته هو بحد ذاته ازمة قد تطيح بكل ما تبقى من استقرار مالي من دون ان يعني ذلك ان اداء الاخير لا غبار عليه. الامور تبقى في خواتيمها، والرئيس ميقاتي سوف يقدم اول تشكيلة حكومية الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وستكون بحسب مصدر نيابي معني بالاتصالات الجارية، بمثابة rapid test لنيات باسيل، وعندها قد يبنى على الشيء مقتضاه، علما ان الرئيس ميقاتي سوف يستمر في تقديم التشكيلات الحكومية الى رئيس الجمهورية- اذا رفضت التشكيلة الاولى- الى حين الوصول الى اتفاق التشكيلة التي يجب ان تراعي، بالنسبة للرئيس المكلف طبيعة المرحلة على كل المستويات بعيدا عن الكيديات.