يتصدى رئيس التيار الوطني الحر» بالنائب جبران باسيل، لمشهد التأليف الحكومي، موحياً انّه «المعبر الإلزامي» لولادة الحكومة الجديدة، ومن دونه لن تكون هناك حكومة.
يقول الراسخون في علم التأليف الحكومي، انّ باسيل يريد في هذا الهزيع الاخير من ولاية رئيس الجمهورية ان يحقق كثيراً مما عجز عن تحقيقه من مصالح ومكتسبات في إدارات الدولة منذ بداية العهد الذي هو عهده. ومن الخطأ تقزيم ما يريده، وتالياً حصر أزمة التأليف في موضوع بقاء وزارة الطاقة ضمن حصته الوزارية. فهو عملياً وقبل أي شيء آخر، يريد من الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي أمرين أساسيين، يعرف مسبقاً انّ الاخير لا يمكنه إمرارهما له بأي شكل من الأشكال:
ـ الأمر الاول، إقرار تعيينات في كثير من المواقع الادارية في مختلف قطاعات الدولة، من شأنها ان تأتي بعشرات المديرين العامين المحسوبين عليه، ما يعزز وجوده ونفوذه في الدولة في ظل عهد رئيس الجمهورية المقبل، سواء كان مؤيّداً له أم معارضاً، علماً انّ باسيل، وعلى رغم كل ما جرى لم يتخلّ حتى اللحظة عن طموحه إلى خلافة عون في سدّة الرئاسة.ـ الأمر الثاني، عزل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تمهيداً لتعيين حاكم جديد يكون موالياً له ولتياره السياسي.ولكن الراسخين ايّاهم يؤكّدون، انّ ميقاتي ليس في وارد التسليم لباسيل بهذين الأمرين على الإطلاق، لكثير من الاعتبارات السياسية وغير السياسية التي لا يمكنه تجاوزها، خصوصاً انّها تخلّ بالتوازن التمثيلي في الادارات العامة، وكذلك في العملية الاصلاحية المطلوبة داخلياً ومن المجتمع الدولي الذي يرهن تقديم أي دعم للبنان بها.
ولذلك، وطالما انّ ميقاتي لن يلبّي لباسيل ما يريده، فإنّ الراسخين في علم التأليف الحكومي، يؤكّدون انّ مصير الاستحقاق الحكومي ماضٍ حتى الآن إلى مزيد من التعقيد إلى حدود عدم تأليف أي حكومة، وبالتالي استمرار حكومة تصريف الأعمال في مهمتها، لأنّها في علم الفقهاء في القانون والدستور تستطيع ان تمارس صلاحيات رئاسة الجمهورية في حال حصول الفراغ الرئاسي بعدم انتخاب رئيس جديد خلال مهلة الشهرين الدستورية، التي تبدأ اول ايلول المقبل وتنتهي في 31 تشرين الاول.ويقول هؤلاء، انّ المعنيين اذا الّفوا حكومة الآن فإنّها ستصبح مستقيلة دستورياً وتصرّف الاعمال وتحديداً عند انتهاء ولاية الرئيس الحالي، وتسلّم الرئيس المنتخب مهماته. اما في حال عدم انتخاب رئيس، فإنّ تلك الحكومة تبقى دستورية وتتولّى صلاحيات رئاسة الجمهورية إلى حين انتخاب رئيس جديد، الذي يتبعه دستورياً تأليف حكومة جديدة، وحكومة تصريف الاعمال الحالية في امكانها تولّي تلك الصلاحيات ايضاً. لذا، فإنّ تأليف حكومة جديدة من عدمه ليس بمشكلة.ويستدلّ إلى ذلك، ما أفتى به العالم الدستوري والقانوني والتشريعي الكبير النائب السابق الدكتور حسن الرفاعي، أمام وفد من رابطة النواب السابقين التقاه قبل يومين، حول الخيارات التي يمكن اللجوء اليها في حال عدم تأليف حكومة وعدم انتخاب رئيس جمهورية في الوقت المحدّد، فقال إنّ «الحكومة القائمة، والتي أصبحت حكومة تصريف أعمال بعد الانتخابات النيابية الاخيرة، تقوم بحكم الدستور بممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية وفق المادة 62 من الدستور». وأضاف: «لا يجوز الادّعاء أنّه بعد انتقال صلاحيات رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء يصبح كل وزير من وزراء الحكومة يمتلك قيراطاً من صلاحية رئيس الجمهورية، وبتعبير آخر، لا يمكن القول إنّه في حالة غياب رئيس الجمهورية يُفترض أن تُتخذ القرارات بإجماع الوزراء. فرئيس الجمهورية لو كان موجوداً ويمارس صلاحياته كافة، فرأيه لا يمكن أن «يغلب» رأي مجلس الوزراء في حال أكّد مجلس الوزراء رأيه إما «بأكثرية أعضائه الحاضرين» أو «بأكثرية ثلثي أعضاء الوزارة (تراجع المادتان 5-65 و 56 من الدستور)».