ترأس وزير الطاقة والمياه الدكتور وليد فياض اجتماع ” عرض دراسة تقييم اضرار قطاع المياه والصرف الصحي في غزة جراء العدوان الاسرائيلي الاخير” في مقر الامانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة.
نص الكلمة :
سعادة الأمين العام المساعد في جامعة الدول العربية الدكتور سعد ابو علي
رئيس شبكة خبراء المياه العربية معالي المهندس مازن غنيم وزير المياه الفلسطيني
أصحاب المعالي، الحضور الكريم،
أتوجّه بالشكر لجمهورية مصر العربية لإستضافتها هذا الإجتماع المهم اليوم وهي السبّاقة دوماً الى الدفاع عن القضايا العربية والوقوف الى جانب أشقائها العرب في محنهم كما هو الحال أيضاً مع لبنان، فلها الشكر.
أشكر أيضاً سعادة الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور أحمد أبو الغيط ممثلاً بالدكتور مبارك الهاجري وفريق عمل شبكة خبراء المياه العرب ورئيس الشبكة معالي المهندس مازن غنيم على العمل الإعدادي لهذا الإجتماع وأتمنّى التوفيق للجميع في الخروج بنتائج مثمرة.
في العاشر من أيار – مايو سنة 2021 شنّت قوات الإحتلال عدواناً حربياً واسعاً على قطاع غزة استمّر احد عشر يوماً استهدفت خلاله الطائرات والبوارج والمدافع “الإسرائيلية” السكان المدنيين وممتلكاتهم، والمباني الرسمية والبنية التحتية في القطاع المقاوم ما أدى الى تعطّل الحياة هناك.
إزاء هذا الإعتداء الغاشم تدهورت الأوضاع الإنسانية لأكثر من مليوني فلسطيني يرزحون تحت الحصار منذ أربعة عشر عاماً، وأفتقد السكان المدنيون خلال العدوان للخدمات الاساسية والضرورية اللازمة لتمكينهم من البقاء على قيد الحياة والعيش بكرامة.
عانى سكان قطاع غزة خلال فترة العدوان من انقطاع امدادات مياه الشرب لفترات طويلة وقد اضطرت السلطات المحلية الى تشغيل آبار المياه المالحة لتعويض هذا النقص بسبب استهداف الإحتلال للمرافق المائية بشكل مباشر بغية تدميرها وحرمان السكان من أبسط حقوقهم.
واستُهدفت ايضاً خطوط الصرف الصحي ما أدى الى تحويل المياه المبتذلة الى الأحواض العشوائية أو ضخّها الى البحر دون معالجة مع ما يحمله ذلك من مخاطر على البيئة البحرية وعلى الصحة العامة.
إن مشهد الدمار الهائل الذي حلّ بقطاع غزّة وطال آلاف المنازل ومئات المرافق الحيوية ومنشآت البنية التحتية يتطلّب الشروع فوراً بعملية إنعاش مبكر وإعادة إعمار غير أن التجارب السابقة كعدوان عام 2014 تُنبئ ان عملية الإعمار سيواجهها تحديات كبيرة ليس أقلها الحصار الاسرائيلي وتخلّف المانحين الدوليين عن الوفاء بالتزاماتهم المالية لاسيما ان عدة دول مانحة ما زالت لم تفِ بتعهداتها في ” مؤتمر القاهرة لإعادة إعمار قطاع غزة” الذي عقد عام 2014.
السيدات والسادة،
لقد عانى لبنان من هذه التجربةمع العدو مرّات عديدة إبان الإجتياح عام 1982 وعملية عناقيد الغضب عام 1996 وعدوان تموز عام 2006 جرى خلالها تدمير معظم بناه التحتية من كهرباء ومياه وصرف صحي وجسور وطرقات. وقد استطاع هذا البلد الصغير بمقاومته الإقتصادية والعسكرية والشعبية الوقوف بوجه أعتى قوة عسكرية وهزيمتها والنهوض مجدداً بعد كلّ كبوة.
لكن الحمل الإقتصادي الهائل فعل فعله في نهاية المطاف، وشكّلت أزمة النزوح السوري القطرة التي أفاضت الإناء، وها هو هذا البلد يعاني اليوم من أسوأ ازمة مالية في تاريخه، أدت، بالاضافة الى الحصار المقنّع المفروض عليه، الى توقف بناه التحتية عن العمل، ليس بسبب الحروب هذه المرّة، بل بسبب انهيار العملة الوطنية ومعها المؤسسات الحيوية في وقتٍ يمتنع المجتمع الدولي عن مدّ يد العون اليه ويمارس الضغوط لعدم عودة النازحين السوريين الى ديارهم. لذلك، ومن هذا المنبر ننادي لمضاعفة الجهود من أجل المساعدة على العودة الآمنة للأشقاء السوريين وهو أمر بحدّ ذاته سيسهم بشكلٍ كبير بإستعادة التوازن للأمن المائي في لبنان وفي عدد من دول الإستقبال.
إن طمع الجوار في المياه العربية شكّل دوماً تهديداً كبيراً لأمننا المائي. فأطماع العدو بمياه الفلسطيننين وبنهر الأردن وبمصادر المياه في الجولان المحتل ونهري الحاصباني والليطاني، والنزاعات المائية على نهري دجلة والفرات والأهم اليوم التهديد الكبير الذي يمثله سدّ النهضة للأمن المائي للشقيقة مصر يتطلّب منا موقفاً موحّداً وحازماً في كل مرة إحتاجت إحدى دولنا لهذا الموقف، بغض النظر عن الاعتبارات السياسية أو الجيوسياسية؛ لأنه في موضوع الماء لا وجود للمساومات وللمراضاة.
السيدات والسادة،
إن لبنان، الذي وقف الى جانب القضية الفلسطينية وما زال، واستقبل اللاجئين الفلسطينيين على أرضه الصغيرة منذ العام ١٩٤٨ وما زال، يقف اليوم مجدّداً الى جانب الشعب الفلسطيني المقاوم ويتمنى، بصفته رئيس المجلس الوزاري العربي للمياه، من الأشقاء العرب المجتمعين اليوم في القاهرة الخروج بخطة اعمار شاملة ومتكاملة تكون عمليةً قابلةً للتنفيذ وللتمويل على أن يتم تحديد الاحتياجات بمختلف القطاعات المتضررة وفقاً للأولويات وطبقاً لمعايير الشفافية المطلقة، علّنا بذلك نساهم، ولو بنزرٍ قليل، برفع المعاناة عن شعبٍ عانى خمسة وسبعين عاماً من ظلم الإحتلال.