كتبت زينب حمود في “الأخبار”: تصديقاً لما يقوله المثل الفرنسي: “من يدفع يأمر”، لا يهضم بعض الرجال فكرة أن تتقاضى المرأة راتباً يفوق راتبهم فتصبح هي المعيل الأساسي للعائلة. يجدون في الأمر انتقاصاً لرجولتهم، فتثور حساسيتهم، وأحياناً نقمتهم، وقد يخلّف ذلك آثاراً جسيمة على العلاقة الزوجية ما لم يتنبّه الطرفان إلى ضرورة تقطيع هذه المرحلة بأقلّ خسائر ممكنة.
لم يكن سهلاً على الزوجين أن تتحوّل المرأة إلى معيل أساسي، حيث يُعدّ الرجل مصدر الإعالة للأسرة فيما يكون عمل المرأة مكملاً لعمله إن لم يكن هامشياً. ويعود ذلك، بحسب الباحثة والمستشارة في شؤون المرأة والجندر عزة بيضون، إلى “الهوية الجندرية المرسّخة للرجل التي تقوم على ركن أساسي هو الإعالة، بينما في الواقع هذا غير صحيح، فالمرأة هي مساهمة أساسية في مصروف العائلة منذ فترة طويلة”.
وتُشير بيضون إلى خلفية أيديولوجية لهذه العقلية، “فالدين الإسلامي يقول إن الرجال قوّامون على النساء، ويفسّر الرجال ذلك كما يحلو لهم خاصة عندما يسمعون من رجل ذي سلطة دينية أن المرأة ليست مجبرة على المشاركة في مصروف المنزل، وإذا فعلت تنال حسنة أما إذا عايرت الزوج فتخسر الحسنة وتحاسب. يختلف الأمر بعض الشيء لدى الديانة المسيحية، حيث تراجعت مقولة إن الرجل رأس المرأة، وظهرت مساع للمساواة بين الجنسين حتى صار الرجل يهدّد الزوجة بأن يشكوها للخوري إذا بخلت على عائلتها بما تملكه”.
بعيداً عن الآثار النفسية لتراجع قدرة الرجل المادية و”عجزه” عن تأمين احتياجات عائلته، تتأثر بعض العلاقات الزوجية بانتقال مسؤولية الإعالة من الرجل إلى المرأة. في دراسة نوعية للعنف الأسري أعدّتها بيضون على 11 رجلاً مارسوا العنف على زوجاتهم، هم الآن في السجن أو يتلقون العلاج النفسي، تبيّن أن “10 منهم يعنّفون نساءهم لأنهم يشعرون بانتقاص رجولتهم بعدما تدهورت أوضاعهم المادية”. وهذا يعبّر عن حالات قصوى، لكن الحالات الشائعة، والتي لا يمكن تعميمها، يسود فيها التوتر على العلاقة الزوجية، ما “يشير إلى خلل سابق في العلاقة وجد في الأزمة مجالاً ليعبّر عن نفسه”. وتدعو بيضون في هذا الإطار إلى التضامن بين الشريكين خلال الظروف الصعبة التي يمرّان بها، داعية الزوجة إلى “عدم إشعار الزوج أنها أفضل منه”.