لم يكن مفاجئاً ولا مستغرباً ان تعود ظاهرة قطع الطرق الرئيسية والمستديرات في قلب بيروت كما في عدد من المناطق، احتجاجا على تفاقم الأوضاع المعيشية والخدماتية في مختلف القطاعات العامة والخاصة الحيوية، في الوقت الذي راحت فيه الموجات الجديدة من الانهيار تسابق التأزم السياسي الاخذ في التصاعد والمنذر بانسداد في مسالك ازمة تاليف الحكومة الجديدة.
وبحسب ما كتبت” النهار”فان العامل الأكثر اثارة للمخاوف من ان يكون لبنان عند مشارف متاهة جديدة من الانهيار يتصل بتدهور الخدمات الأساسية تدهورا دراماتيكيا جديدا، ولا سيما في ما يتصل بالتطور البالغ الأذى الذي تمثل ببدء اغلاق المعامل الحرارية عصر امس بسبب استفحال ازمة التشغيل وتمويل الفيول لهذه المعامل. الانهيار الكهربائي هذا يأتي بعد موجات انهيار أخرى، منها ازمة دفع الرواتب في القطاع العام وتاخرها، وانقطاع المياه عن العاصمة، وازمات أخرى متعددة، ليرسم السؤال الكبير المثير للقلق حيال أي موسم سياحي موعود تكثفت حوله الامال وبنيت أحلام حصد ثلاثة مليارات دولار على الأقل على تقديرات تدفق السياح والمغتربين اللبنانيين، فاذا بالايام الأخيرة تقدم الصدمات المتعاقبة لهذه الامال حينا عبر “مسيرات المقاومة” وحينا عبر انفجار أزمات اهل السلطة وكل حين عبر استفحال كارثة الكهرباء وسائر الخدمات الحيوية.
وكتبت” نداء الوطن”: كان لبنان قد دخل أمس عملياً مخاض الـ”BLACK OUT” في ما وصفته مصادر معنية بأنه بروفا أولى لـ”السواد الأعظم” الذي سيشهده اللبنانيون في المرحلة المقبلة في ظل الانقطاع الشامل بالتيار الكهربائي، إذ توقف معمل الزهراني لإنتاج الطاقة بشكل تام تحت وطأة إعلان الشركة المشغلة لهذا المعمل ومعمل دير عمار عن التوقف عن القيام بأعمالها بسبب عدم تقاضي مستحقاتها بالدولار الأميركي، الأمر الذي فرض توقف معمل الزهراني، المنُتج الوحيد للطاقة راهناً في البلد، وانقطاع عام وشامل للكهرباء على كافة الأراضي اللبنانية، قبل أن تعود الشركة إلى وضعه في الخدمة إثر التأكد من تحويل مصرف لبنان الأموال المستحقة.فالاعتماد المالي الذي تبلغ قيمته 60 مليون دولار وكانت الحكومة قد أقرته في 14 نيسان الفائت لمتعهدي مؤسسة الكهرباء، تم صرفه بالأمس من حقوق السحب الخاصة التي يعود التصرف بها لوزارة المالية ولا يتطلب عقد استقراض ولا مراسيم سلف… “فلماذا تركت الأمور للحظة الأخيرة؟” ما يؤشر بحسب المصادر المعنية إلى وجود “نية جدية بإدخال البلد في عتمة شاملة”، وبمعنى أوضح “ما بدهم يجيبوا الكهرباء”،
وأضافت: “ما حصل كان متوقعاً بعد فترة من تأجيل القرارات التي لا تتعلق بمعملي الزهراني ودير عمار وحدهما، إنما أيضا بالشركة التي تشغل معملي الذوق والجية المتوقفين منذ 6 أشهر بسبب عدم توفر الفيول، وتسديد نفقات الصيانة وقطع الغيار”، معتبرةً أنه “بات من الواضح أنه لا يوجد أي توجه رسمي باتخاذ قرارات جدّية ومسؤولة تضع حداً للانهيار في قطاع الكهرباء”.
وختمت: “اليوم دفعنا مبلغ 60 مليون دولار لحل المشكلة، لكن ماذا ينتظرنا بعد شهر أو اثنين؟” فالحل ليس مرتبطاً فقط بدفع المبلغ المؤجل، إنما هناك مشكلة الفيول بعد انتهاء العقد العراقي، وموضوع الغاز المصري، ونفاد العملة الصعبة وانهيار الوضع المالي، وعليه سنعود لنقع في الأزمة نفسها وبشكل أعنف بعد مدة ليست بعيدة”.وذكرت «البناء» أن الاتصالات تكثفت بين عدد من المسؤولين المعنيين في ملف الكهرباء مع وزارة الطاقة ومصرف لبنان بعد تدخل جهات سياسية وحكومية لإعادة تشغيل معمل دير الزهراني للتوصل الى حل مؤقت يعيد التغذية بالكهرباء الى وضعها الطبيعي لا سيما في عطلة عيد الأضحى وضرورة إضاءة المرافق الأساسية لا سيما مطار بيروت عشية قدوم المغتربين والسياح الى لبنان لقضاء عطلتي العيد والصيف».