ما أراد أن يقوله الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، في إطلالته “التموزية”، يختصر في شكل واضح ولا لبس فيه أن “الحزب هو الدولة”. فكلامه العالي السقف، وإن كان موجهًا إلى الولايات المتحدة الأميركية في الظاهر، موجّه إلى الدولة اللبنانية بكل مؤسساتها وأجهزتها ورمزيتها، وهي التي قررت أن تفاوض العدو، ولو في شكل غير مباشر، عبر الوسيط الأميركي، لترسيم الحدود البحرية، بموقف موحّد للمرّة الأولى.
كلام نصرالله جاء هذه المرّة أكثر وضوحًا، وتوجه الى الدولة في شكل مباشر، بمعنى أنه تراجع عن وعده بوقوف “المقاومة” خلف الدولة في مفاوضاتها غير المباشر، وهو الذي أكد أن لا علاقة له بموضوع ترسيم الحدود، لأنه من إختصاص الدولة.
ولأنه لم يكن راضيًا عمّا تبلغّه لبنان من السيد آموس هوكشتاين من نتائج إيجابية أولية لجأ “حزب الله” إلى “المسيّرات التعطيلية”، والتي إعتبرها نصرالله نقطة قوة كان يُفترض بالمفاوض اللبناني أن يستغّلها لفرض شروطه التفاوضي، فيما إعتبرها بيان رسمي أعلنه وزير الخارجية اللبناني بأنها جاءت في توقيت خاطىء لتعطيل المفاوضات الديبلوماسية لما يمكن أن يحقّقه لبنان من نتائج، وإن بعد حين.
ما قاله السيد نصرالله بالأمس سيزيد من مشاكل لبنان مشكلة إضافية، وسيؤجج الانقسام السياسي، بإعتبار أن كلامه لا يلاقي إجماعًا لبنانيًا، وأن ثمة أطرافًا آخرين لهم رأي مغاير لا يتوافق مع نظرية “حزب الله” بالنسبة إلى حتمية إعتبارات موضوع المسيرّات نقاط قوة في العملية التفاوضية.
ومن شأن هذا الكلام أن يُدخل البلاد في دوامة جديدة، وفي ملهاة عن قضايا قد تبدو على نفس المستوى من أهمية ترسيم الحدود، إن لم يكن أكثر، أقّله لناحية الجمود القاتل في الموضوع الحكومي والضائقة الإقتصادية والمعيشية التي يعيشها اللبنانيون، والتي تتزايد حدّتها يومًا بعد يوم.
ما حاول أن يقوله السيد نصرالله بالأمس هو بكل بساطة إختصار لقرار قديم ومتجدّد عبر مصادرة حصرية التقرير بموضوعي الحرب والسلم، وهذا ما لا يوافق عليه، على الأقل، قسم كبير من الشعب اللبناني، الذي لا يزال يصرّ على إستعادة الدولة لهذه الحصرية.
فهل يتحمّل الواقع اللبناني تصعيدا سياسيا جديدا وتأجيجا جديدا للانقسامات؟ وهل من قدرة بعد على المواجهات من اي نوع كان؟
سؤال برسم المعنيين والايام المقبلة.