نعم، توقاً الى نهاية عهد فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون، الذي ينتظر 99،99% من اللبنانيين الخلاص منه بعدما أذلهم وأفقرهم، أطلق موقع “لبنان الكبير” عداً عكسياً باليوم والساعة والدقيقة والثانية لما تبقى من هذا العهد الأسود، يظهر في أعلى الموقع وفي الصفحات كافة.
ها هم اللبنانيون يتقاتلون للحصول على رغيف خبز والانهيارات تتوالى فوق رؤوسهم من كل حدب وصوب، وقد تحولوا الى رهائن للصوص “السوق السوداء”، والمسؤولون يتناتشون ما تبقى من وطن ومن مواقع.
وما يجري على صعيد التأليف الحكومي ليس سوى عينة من طريقة ادارة البلاد، ليبدو المشهد كالتالي: حكومة معلقة على حبل طويل من الشروط والشروط المضادة والمعايير والصلاحيات والبيانات والبيانات المعاكسة، لكن على الرغم من ذلك، تقول المعلومات ان هناك لقاء مرتقباً بين لحظة وأخرى يجمع رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، إلا أن هذا لا يعني أنه ستنتج عنه انفراجة حكومية لأن الأجواء متشنجة جداً بين “التيار الوطني الحر” والرئيس ميقاتي الذي أكدت أوساطه لـ “لبنان الكبير” أن التشكيلة التي قدمها ليست مقفلة وخاضعة للنقاش مع الرئيس عون، ويجري التباحث حالياً في بعض النقاط التي تشكل خلافاً بين الرئيسين، لكن ضمن ثوابت معينة لا يمكن التنازل عنها.
واذا كانت وزارة الطاقة علة العلل وسبباً مباشراً في التعطيل، فقد وضعت تحت مجهر المباحثات لناحية الوصول الى شخصية توافقية ترضى عنها كل الأطراف لأن الرئيس المكلف لا يستهدف فريقاً معيناً أو شخصية معينة انما يريد تحقيق انجاز على مستوى الطاقة مع التأكيد أن أبواب التشكيل لم تصطدم بحائط مسدود كما يتم التداول به، وهناك لقاء قريب في القصر الجمهوري لكن تحديد الموعد يتم بالتوافق بين الرئيسين.
وفي وقت لفت أحد المواكبين لعملية التأليف الى وجوب أن يتبين في اللقاء المرتقب بين الرئيسين الخيط الأبيض من الخيط الأسود على الرغم من الأجواء السوداوية التي تحتاج الى معجزة لتنقيتها، يبدو أن هذه السوداوية انسحبت على الاستحقاق الرئاسي الذي وفق أحد المحللين السياسيين لن يكون مصيره أفضل باعتبار أن انتاج الرئيس اللبناني يتطلب عاملين: عامل داخلي وعامل خارجي. على الصعيد الداخلي، لم يتوافق اللبنانيون حتى الآن على مرشح معين حتى أن الأسماء المطروحة ليس مضموناً أن يكون أحدها في القصر الجمهوري.
أما على صعيد الخارج، فلم يضع أوراقه على الطاولة، والكل يتعاطى مع الاستحقاق الرئاسي على أنه غير عاجل وغير طارئ. اليوم، هناك ترجيح بأن الاستحقاق الرئاسي لن يكون في موعده الدستوري اذا لم تطرأ عوامل ليست في الحسبان.
ليس هناك تشكيل حكومة، وبالتالي ليس هناك رئيس جديد للجمهورية، ولبنان ذاهب نحو الفراغ الرئاسي بعد 31 تشرين الأول المقبل لأن عملية التعقيد في التأليف مرتبطة بالاستحقاق الرئاسي خصوصاً لجهة “التيار الوطني الحر” الذي يسعى الى أن يربط عملية التشكيل بالاستحقاق، بمعنى أن هناك معركة أخيرة يمكن أن يخوضها التيار من الآن وحتى هذا الاستحقاق من أجل ترتيب أوضاعه لمرحلة ما بعده، فهل ينجح في ذلك أو يفشل؟ هذا رهن بكيفية نسجه تحالفات مع قوى سياسية معينة وحسابات الربح والخسارة مع العلم أنه وحده لا يستطيع تعطيل الانتخابات الرئاسية، لكن حتى الجهات الحليفة ليست في هذا الوارد أي في وارد تعطيل الاستحقاق، وأكثر ما يمكن أن يقوم به التيار هو عدم حضور جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وهذه نقطة تباين مع الحلفاء.
وإذا كان البعض ينتظر نتائج جولة الرئيس الأميركي جو بايدن في المنطقة لمعرفة هوية الرئيس المقبل أو مواصفاته، فإن هذه التحليلات لا ترتقي الى الدقة لأنها تنطلق من قاعدة تقول ان هدف الجولة تكوين أو انشاء حلف عسكري اقليمي، وهذا الحلف ستكون له تداعيات وانعكاسات على لبنان، لكن الأميركيين ليسوا في وارد تشكيل مثل هذا الحلف لأنهم يريدون نوعاً من الاستقرار في المنطقة تحاشياً لاقفال مناطق الطاقة.
وبالتالي، استقرار منطقة الشرق الأوسط يمكن أن يعوّض على الأوروبيين والغرب عموماً ما يخسرونه من شح الطاقة الروسية. والاضطراب الآن في المنطقة ليست له أي ذرائع وحجج، كما أن تشكيل حلف عسكري اقليمي يعني الاطاحة بالحوار السعودي – الايراني، وبالتالي إسقاط الاتفاق النووي مع ايران، وليست الولايات المتحدة الاميركية ولا ايران ولا السعودية في هذا الاتجاه.
لا شك أن الملفات الاقليمية مترابطة لكن على مستوى الاستحقاق الرئاسي اللبناني فهو غير مطروح لا من قريب ولا من بعيد في جولة الرئيس الأميركي، وسيقتصر الشق اللبناني على محاولة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل.
من هنا لا بد من الفصل بين جولة الرئيس بايدن والاستحقاق الرئاسي. فالجولة لها علاقة بتوفير مصادر الطاقة في الخليج التي يمكن أن تعوض عن شح مصادر الطاقة في روسيا، وهذا هو الملف الأساس فيها اضافة الى المساعي لاعادة ترتيب العلاقات السعودية – الأميركية وتنظيمها.
وملف الطاقة رهن بمسألتين أساسيتين: المسألة الأولى مرتبطة بالحد الذي يمكن أن تلبي به الادارة الأميركية مطالب المملكة العربية السعودية بالتزود بالأسلحة الهجومية. والمسألة الثانية، رهن بالاجتماع الثنائي بين الرئيس الأميركي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
اذا لم يتم تحقيق هذين الهدفين، فإن كل المساعي الأميركية من أجل توفير مصادر الطاقة قد تسقط وتؤدي الى نوع من التوتر في العلاقات الأميركية – السعودية من دون أن تصل الأمور الى نقطة النهاية .
وفي الخلاصة العامة، فإن التصعيد في المنطقة يؤدي الى طرح مرشحين للرئاسة ينتمون الى هذه الجبهة أو تلك أي غير توافقيين، لكن في الوقت نفسه، فإن التصعيد مستبعد، والرئيس التوافقي هو الذي سيصل الى القصر الجمهوري في المرحلة المقبلة التي تتجه نحو الفراغ على المستوى الرئاسي الا اذا استجد أي جديد.