كتب نقولا ناصيف في “الاخبار”: افتتح الانخراط في الانتخابات الرئاسية في الإفطار الذي جمع فيه نصرالله النائب جبران باسيل والنائب السابق سليمان فرنجية، المرشحيْن الشمالييْن المتنافسيْن، حليفيْ حزب الله وفي الوقت نفسه العدوّيْن أحدهما للآخر، في 8 نيسان، وتحدثوا في ما سيلي الانتخابات النيابية الشهر التالي. مذّاك نُظر إلى هذا اللقاء على أنه صفّارة انطلاق. عزّز هذا اليقين عبارة أطلقها بعد أقل من شهرين، في 22 أيار، باسيل في مهرجان إعلانه الانتصار في الانتخابات النيابية، بأن وصف فرنجية بأنه «يبقى أصيلاً». كانت العلامة البارزة بأن ثمة ما حدث بينه وبين خصمه في ضيافة نصرالله.
حينما التأم الإفطار الثلاثي لم يُفصَح عن مداولاته في ما بعد، ما خلا إشارات عابرة تناولت الانتخابات الرئاسية والنيابية وسواهما. بانقضاء وقت على اجتماعهم، واقتراب موعد الاستحقاق، ورسائل الود والانفتاح المتبادلة بين الحليفيْن اللدودين، يصير متاحاً أكثر من ذي قبل، وربما ضرورياً، الكشف غير المباشر عن بعض ما جيء عليه في الإفطار.
فيما قيل إن اللقاء الثلاثي طَرَقَهُ، مخاطبة نصرالله باسيل وفرنجية معاً بالقول إن الانتخابات الرئاسية المقبلة يوليها حزب الله أهمية كبرى، خصوصاً مع قرب ولوجهما الانتخابات النيابية. إلا أنه جزم لهما أن الحزب حريص على أصدقائه وحلفائه والوقوف إلى جانبهم.قال إن كليْهما حليف له. سبق أن التزم الوقوف إلى جانب عون، وعندما التزم الحزب الوقوف إلى جانبه كان برضى فرنجية. اليوم الحزب أمام التزام جديد حيال فرنجية، يريده أن يحصل برضى باسيل على نحو ما حدث قبل ست سنوات.ما نُقل عن نصرالله قوله: إذا لم يُنتخب فرنجية في الانتخابات الرئاسية المقبلة، قد لا تسنح له الفرصة في ما بعد، في حين أنها تُسنح لباسيل.أضاف مخاطباً رئيس التيار الوطني الحر: اقتراحنا أن تكون الرئاسة المقبلة لفرنجية، على أن تكون أنت شريكاً كاملاً في العهد المقبل. يحقق لنا ذلك هدفين هما شراكتك في المرحلة المقبلة ووقوفك إلى جانب الرئيس، وتكون وقتذاك أعدت مراجعة موقع التيار ودوره ورددت عنك كل ما تعرّضت إليه في الآونة الأخيرة.
جواب باسيل كان نصف موافقة نهائية، في انتظار أن يحمل هذا الخيار في الوقت المناسب إلى التيار الوطني الحر لإجراء مناقشة له، في نهاية المطاف لن تقف حجر عثرة في طريق قرار الأمين العام لحزب الله.لم يطل الحديث في الاستحقاق الرئاسي سوى دقائق. من بعد استغرق الإفطار الطويل في ملفات محلية وإقليمية تجاوزته. أنبأ موقف نصرالله أنه حسم إلى حد بعيد، تبعاً للمعطيات القائمة حتى هذا الوقت، دعمه ترشيح النائب السابق لزغرتا الذي لا يصطدم حكماً بجدران اعتراضات أساسية أو مانعة. عام 2015 أيّده بعد ترشيح الحريري له، برّي ووليد جنبلاط. لا ينتظر حزب الله موافقة حزب القوات اللبنانية ولا يحتاج إليها. انضمام باسيل إلى هذا المعسكر، بعد أن يجتمع من حول ترشيح فرنجية الحلفاء، يجعل انتخابه حتمياً من الدورة الثانية للاقتراع بالأكثرية المطلقة، بعد أن يكون التأم في القاعة 86 نائباً، هم غالبية الثلثين المقيِّدة لافتتاح الجلسة وإجراء دورات الاقتراع المتتالية.
لا أحد من الأفرقاء يتحدث من الآن عن احتمال مقاطعتها. في أحسن الأحوال يُبدون براءتهم والنية الحسنة على الأقل.أمّا ما يكمن في صلب إرادة حزب الله ترشيح فرنجية، فهو سعيه ـ ويتردّد أنها خطته المقبلة بدأ أول تباشيرها ـ إلى أن يحوط به أوسع تأييد سياسي. انفتاح التيار الوطني الحر على جنبلاط، ومن بعد لقاء اللقلوق بين باسيل والنائب فريد الخازن، أضف إلى ذلك ما يُنتظر من خطوات مماثلة في مواعيد لاحقة، كلُّ ذلك ليس سوى حلقات في سلسلة.
وكتبت” الديار”: قالت مصادر قريبة من حزب الله ان «الحزب لم يحسم خياره الرئاسي بعد لا لمصلحة فرنجية او سواه وبأنه لم يفاتحه فرنجية او باسيل بالخيارات الرئاسية»، معتبرة انه «بعد الانشغال بالانتخابات النيابية داهمتنا استحقاقات شتى تباعا، اما العامل الذي سيسرع حسم القوى السياسية مرشحيها الرئاسيين، فهو الدعوة لجلسة لانتخاب رئيس».
ويبدو واضحا ان اولويات حزب الله اليوم مختلفة، وهي تتركز بشكل اساسي على متابعة ملف الترسيم، خاصة بعد تهديد امينه العام بالحرب في حال كان هناك قرار بالمماطلة والتسويف لمنع الجانب اللبناني من استخراج ثرواته مقابل مواصلة «اسرائيل» أعمال التنقيب. وتشير مصادر مطلعة الى ان «الحزب يعي تماما ان الرئاسة مرتبطة عمليا بالتطورات الخارجية، وليس حصرا بامكان اندلاع حرب تطير الاستحقاق، انما ايضا بموازين القوى الناشئة ما يتيح للحزب فرض مرشحه الرئاسي مجددا كما فعل في العام 2016، او اللجوء لمرشح توافقي في حال كان المسار الذي ستسلكه الامور مسار تسوية في الخارج وبالتحديد بين طهران وواشنطن، علما ان الامور قد تتطلب مزيدا من الوقت ما قد يُدخلنا في دوامة من الفراغ لا يعلم أحد متى تنتهي».