لا يزال خطاب حزب الله محور تمحيص على مستويات مختلفة، خصوصا لناحية منع إسرائيل من استخراج الغاز، أبرزها البعد المحلي في ظل وضع المواجهة العسكرية من ضمن الاحتمالات المطروحة.
في القراءة المحلية، ثمة من يعتبر بأن السيد نصرالله رفع سقف التصعيد بتلويحه بالخيار العسكري، رغم يقينه بأن الوضع الداخلي لا يتيح الإقدام على مغامرة غير محسوبة، لانه لا يمكن الاستسلام لمنطق خنق لبنان و تجويع شعبه مقابل سلب ارادته.
لذلك ، أراد نصرالله ان يكسر الحصار المفروض كما رفض منطق معادلة الجوع في حال عدم الرضوخ الكامل مقابل تعزيز وضع الكيان الاسرائيلي و إدخاله عنصرا فاعلا في رؤية اقتصادية متكاملة على امتداد الوطن العربي حتى شواطئ المتوسط.
اما في الشق الإقليمي ، فتتشابك الطموحات والمصالح القريبة كما البعيدة، فتركيا تطرح نفسها شريكة على أبواب الانتهاء من مفاعيل معاهدة لوزان في السنة المقبلة ودخول عصر الغاز من الأبواب الواسعة، وقبرص كما اليونان وخلفهما الاتحاد الاوروبي يسعون لشراكة اورو- متوسطية تتييح التخلص من الدب الروسي الذي يلوح بعصا وقف إمداد الغاز و إعادة القارة العجوز إلى عصر الظلمات.
وسط ذلك، يؤكد خبراء بأن إسرائيل كما أميركا تحاولان استغلال الظرف والنفاذ باستغلال حقل كاريش و وضعه قيد الخدمة باقصى سرعة ممكنة، واي تباطؤ في ذلك قد يحيل مشروع خط الغاز الأميركي – الاسرائيلي نحو أوروبا إلى التقاعد قبل وضعه موضع التنفيذ.
هذه المعضلة، يدرك مخاطرها حزب الله أكثر من طرف إقليمي ودولي ، وبطبيعة الحال لن تسمح روسيا باستغلال انشغالها بالحرب الاوكرانية للمساس بمصالحها في محيط المتوسط بعدما بات جيشها وقواعدها العسكرية في عمق سوريا.
في السياق ذاته، بات لإيران تأثيرها ونفوذها على رقعة جغرافية واسعة بعدما باتت تقود محورا إقليميا باكمله ما يجعلها شريكة كاملة لها حق الفيتو في قضية استراتيجية تتصل باستخراج ثروات المنطقة بعدما أنهكتها الحروب الدائرة وادخلتها في دائرة التخلف.
وسط ذلك، من البديهي ان يقف حزب الله عائقا دون تصدير الغاز الاسرائيلي إلى أوروبا بغض النظر عن معركة الدفاع عن سيادة لبنان والتعدي على حقوقه المشروعة، علما بأن البعض استوقفته عبارة ” عدم الرغبة في الحرب بقدر تحصين الحق اللبناني” والتي تعني بأن التهديدات على جديتها لا تزال في دائرة التهويل في ظل المفاوضات الجارية بانتظار ظهور اتفاقيات او تفاهمات بالحد الأدنى.