ما هي رسائل قمم جدّة للبنان؟

19 يوليو 2022
ما هي رسائل قمم جدّة للبنان؟


كتب محمد شقير في “الشرق الاوسط”: لم يمنع غياب لبنان عن القمة العربية – الأميركية الموسعة التي استضافتها المملكة العربية السعودية في مدينة جدة من حضوره بامتياز في البيان الختامي الصادر عنها، وأيضاً في بيان القمة السعودية – الأميركية اللذين أعادا رسم خريطة الطريق الواجب التقيُّد بها لتجاوز التأزُّم الذي يحاصره، مشروطاً بالوصول بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي إلى بر الأمان.

فالبيانان اللذان صدرا عن هاتين القمتين، وتحديداً فيما يتعلق بلبنان، لم يحملا أي جديد باستثناء التأكيد على احترام الدستور بانتخاب رئيس جمهورية جديد ضمن المهلة الدستورية، أي قبل انتهاء ولاية الرئيس الحالي ميشال عون.
فالاستحقاق الرئاسي اللبناني هذه المرة يتزامن مع عودة واشنطن للعب دور في المنطقة بعد أن كانت أوكلت إلى باريس مهمة متابعة ملف الأزمة اللبنانية بمواكبة أميركية، وهذا يعني حتماً من وجهة نظر المراقبين بأن الاستحقاق يحظى باهتمام دولي، ولن يكون بمثابة نتاج لبناني من دون أن يكون مفتوحاً على تقاطعات دولية وإقليمية. وبكلام آخر، فإن لا مجال للبننة الاستحقاق الرئاسي بمنأى عن هذه التقاطعات لأنه لن يكون لمحور الممانعة بقيادة إيران اليد الطولى في انتخاب الرئيس العتيد، مع أن القمتين اللتين استضافتهما المملكة أبقتا النافذة مفتوحة أمام طهران لتعيد النظر في حساباتها وتراجع مواقفها للانضمام إلى النظام العالمي لإعادة الاستقرار إلى المنطقة، على أن يكون انتخاب رئيس جديد محطة أولى لاختبار النيات الإيرانية بوقف تدخلها في الشؤون الداخلية لدول الجوار وعدم استخدامها لأذرعتها الأمنية والعسكرية لزعزعة الاستقرار فيها.
وعليه، فإن الاستحقاق الرئاسي يتقدّم حتى إشعار آخر على تشكيل الحكومة ما لم تحصل مفاجأة في اللحظة الأخيرة تؤدي إلى إحداث خرق باتجاه تسريع ولادتها، وهذا يتوقف على رئيس الجمهورية ميشال عون بمبادرته بدعوة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي لاستئناف مشاورات التأليف بلا شروط مسبقة.
ورغم أن الحراك الرئاسي لا يزال خجولاً ويقتصر حالياً على المواصفات التي حددها البطريرك الماروني بشارة الراعي كأساس لانتخاب الرئيس من جهة وعلى الخرق الذي أحدثه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بدعمه ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون إذا ما تبين بأن لديه حظوظاً متقدّمة للوصول إلى سدة الرئاسة، فإن المراوحة ما زالت تطغى على ما عداها وكأن كل فريق ينتظر الآخر ليبني على الشيء مقتضاه.