زلت قدمه فسقط وانهارت فوقه أكوام النفايات.. “لعنة” معمل نفايات صيدا مستمرة!

20 يوليو 2022
زلت قدمه فسقط وانهارت فوقه أكوام النفايات.. “لعنة” معمل نفايات صيدا مستمرة!


كتب علي حشيشو في “الأخبار”: الخبر القادم من معمل نفايات صيدا مختلف هذه المرة. ليس توقف الآلات عن العمل، ولا غرقه في النفايات. إنه وفاة أحد عمّاله، سعيد أنيس، في مفاعل تخمير عصارة النفايات صباح أمس. حادث لم يمرّ مرور الكرام بالنسبة إلى العمّال الذين اعتصموا أمس متسائلين: من التالي؟
 
يعمل سعيد أنيس، المعروف بأبي عبيدة، في المعمل منذ سنوات متخصصاً في أعمال الفرز. إلا أن المشكلات الإدارية الكثيرة التي يواجهها المعمل، ومنها توقفه عن أعمال الفرز والمعالجة، وتسريح عدد من العمال، دفعت الإدارة إلى تكليفه وثلاثة من زملائه بمهمة تنظيف أحد المفاعلَيْن المخصّصَيْن لتخمير النفايات. وهي «عملية معقدة تحتاج إلى معدات خاصة ولا تتم يدوياً، لأن المفاعل يحتوي على مواد مترقدة عبارة عن خليط زجاج ورمول وبحص تستخدم لفلترة العصارة، وتنبعث منه غازات سامة بفعل التخمير» بحسب عمّال متمرّسين في المعمل.
 
عمِل أنيس في المفاعل الضخم، الذي يتسّع لـ 39000 متر مكعب، أول من أمس. وعندما بدأ بمتابعة عمله أمس زُلّت قدمه فسقط على رأسه واصطدم بقسطل حديدي في جوف المفاعل، قبل أن تنهار فوقه أكوام النفايات الجافة وكميات الرمول والزجاج والبحص وتطمره بالكامل. هرع زملاؤه إلى إنقاذه لكن إخراجه من تحت الردم استغرق وقتاً، فتمّ نقله للمستشفى مفارقاً الحياة.
 
احتجاج العمّال
احتجّ العمال أمام مدخل المعمل لبعض الوقت استنكاراً لتقصير الإدارة، وحمّلوها مسؤولية وفاة العامل. يقول أحد زملائه «على من يدخل المفاعل ارتداء بدلة خاصة، وفوقها قناع مزوّد بحجرة أوكسجين، بالإضافة إلى جزمة خاصة تصل إلى الخصر»، مؤكداً أن أياً من هذه المعدات لم تكن متوافرة للعمال الأربعة الذين أوكلت إليهم مهمة تنظيف المفاعل، «الذين يدخلون إلى المفاعل من شباك ضيق جداً، ما إن يتخطوه حتى يصبحوا خارجين عن السمع معزولين عن العالم».
 
عندما انتشل العمال زميلهم أبو عبيدة من تحت الردم لم يكن في كلّ المعمل عيادة أو ممرض أو حتى حبة بنادول، بخلاف ما كان عليه الأمر في السابق. فقد كانت هناك عيادة تضمّ آلة أوكسجين وماكينات للضغط والسكري وبخاخات لضيق التنفس وقطّارات للعيون، يديرها ممرّض، لكنها تحوّلت إلى غرفة خاوية منذ شهور. حتى مكان راحة العمال وأماكن تناول طعامهم، وكذلك الحمامات، تحوّلت إلى «خربة» تفتقد النظافة ومياه الاستخدام والإنارة، فصار العمّال مجبرين على تناول طعامهم الذي يحضرونه معهم من البيوت وسط جبال النفايات المنتشرة في كل اتجاه.
 
ظروف العمل السيئة والخطيرة، إلى جانب تداعيات الانهيار الاقتصادي، قلّصت عدد العمّال من 450 إلى 170، يعملون لقاء 140 ألف ليرة كأجرٍ يومي، وبدوام عمل 8 ساعات يومياً وبمناوبات نهارية وليلية. وكانت علاقة العمال بالإدارة ساءت إثر تأخر دفع الرواتب لأشهر خلت ما دفع بالأخيرة إلى إصدار قرار بمنع دخول أي عامل إلى قسم الإدارة للمطالبة براتبه أو بزيادة على أجره.