لو لم يفتح ملف ترسيم الحدود البحرية التوتر الامني والعسكري بين لبنان واسرائيل لكان النقاش الداخلي اليوم في اقصى درجاته يتمحور حول الانتخابات الرئاسية وما يرافقها من استحضار لآراء وخطابات سياسية من اطراف النزاع اللبناني على اعتبار ان الاستحقاق هو تتويج لمرحلة الكباش الماضية…
خفف الصراع الحدودي من اهمية الاستحقاق الرئاسي، لانه يفتح لبنان والمنطقة على اكثر من احتمال تصبح الرئاسة بعدها تفصيلا سياسيا لا يمكن التحكم بمصيره مسبقا. لكن بعيدا عن هذه القراءة وعن ربط الاستحقاقات الدستورية بالتطورات المقبلة، يبدو ان انتخاب رئيس جديد سيكون مرتبطا بعدة عوامل اساسية.
تقول مصادر مطلعة ان حزب الله لديه خط احمر وحيد في الانتخابات الرئاسية، هو عدم وصول رئيس جديد بكون معاديا له ويعمل على محاصرته سياسيا في المؤسسات الدستورية، لان هذا الامر يعني اعادة عقارب الساعة الى الوراء اي الى ما قبل انتخابات العام ٢٠١٨.
وبحسب المصادر فان الحزب يفضل طبعا وصول شخصية كسليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، ليس بسبب مواقف الرجل وتموضعه السياسي فقط، بل لان وصوله الى الرئاسة محكوم بتفاهم عميق بينه وبين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ، وهذا امر يريح الحزب لسنوات مقبلة.
نقطة ضعف فرنجية الوحيدة هي ان لا كتلة نيابية مسيحية كبيرة تدعمه للرئاسة، من هنا يصبح التفاهم مع باسيل ضرورة بالنسبة اليه لكي يضمن فوزا مريحا في المجلس النيابي وليضمن دعما نيابيا مسيحيا للعهد المقبل، وهذا أمر قد لا يزعج باسيل الذي يوحي في بعض جلساته بأنه غير مهتم بخوض المعركة الرئاسية بنفسه.
يبدو ان “كتلة لبنان القوي” ستكون عمليا بيضة القبان الرئاسية نظرا لكونها كتلة مسيحية تمنح الميثاقية لاي مرشح ولانها تحسم الاكثرية في اي الاصطفاف نيابي خلال الانتخابات، وفي بعض الحالات قد تؤمن نصاب الثلثين، لذلك فإن التفاهم مع باسيل سيصبح خلال الاسابيع الماضية ضرورة للمرشحين الجديين للرئاسية.
ليس واضحا ما اذا كان باسيل سيستفيد من المكسب السياسي الذي ستحققه له التوازنات الحالية، ام ان حساباته ستجعله يذهب بعيدا في شروطه التفاوضية ما قد يفشل اي تقارب او مصالحة تمهد للاستحقاق الرئاسي ويجعل كتلا نيابية مسيحية اخرى صاحبة الحظ في ايصال الرئيس المقبل ودعمه.