سيناريوهات بينها الحرب… هل تجري إنتخابات رئاسة الجمهوريّة في موعدها؟

22 يوليو 2022
سيناريوهات بينها الحرب… هل تجري إنتخابات رئاسة الجمهوريّة في موعدها؟


من المتوقع أنّ يدخل لبنان في فراغ دستوريّ في موقع رئاسة الجمهوريّة بعد 31 تشرين الاوّل المقبل، على الرغم من تشديد المجتمع الدوليّ على إجراء كافة الاستحقاقات في موعدها. وتُطرح سيناريوهات عديدة بحسب الاوساط السياسيّة تتحكّم بانتخابات الرئاسة الاولى. فموعد عقد جلسة الانتخاب في الاوّل من أيلول، ينتظر إمّا توافق فريق الثامن من آذار على إسم مرشّحٍ ينال أصوات كافة نواب التحالف، وإمّا التوصّل إلى تسويّة بين أغلبيّة مكوّنات المجلس النيابيّ على إسم وسطيّ. في المقابل، أصبح ثابتاً موضوع تطيير النصاب، وهذه المرّة من قبل “المعارضة” التي تعتبر أنّ انتخابات رئيس الجمهوريّة مفصليّة بالنسبة إليها، إنّ من ناحيّة نقل البلاد إلى محور “السياديين”، او التسليم مرّة جديدة بقبضة قوى “الممانعة”،ما يعني أنّ جلسات انتخاب الرئيس ستتعطل أكثر من مرّة.

 
في هذا السيّاق، يجب التذكير أنّه خلال الانتخابات الرئاسيّة في المناسبتين الاخيرتين، وصل الرئيس ميشال سليمان بتسويّة، عبر إتّفاق الدوحة، بعد تطوّر الاوضاع أمنيّاً، وإنفجار الشارع. كذلك، وبعد فراغ دام لفترة طويلة، جرت التسويّة التي بدأت باتّفاق معراب، وبعدها مع تقارب الرئيس سعد الحريري من “التيّار الوطنيّ الحرّ”، لاخراج البلاد من الشغور الرئاسيّ، وتمّ انتخاب الرئيس ميشال عون، بعد تفاهم بين أكثريّة الاحزاب، دام حوالى ثلاث سنوات، وأرخى إستقراراً سياسيّاً، قبل إنفجار الاوضاع الاقتصاديّة في 17 تشرين الاوّل 2019.
 
ويقول مراقبون إنّ البطريرك بشارة الراعي وضع الحجر الاساس للنواب للسير بتوافق سياسيّ، وإختيار شخصيّة وفاقيّة، لتجنيب البلاد أيّ فراغٍ دستوريّ قاتلٍ، وخصوصاً وأنّ البلاد تمرّ بأوضاع إقتصاديّة صعبة. من جهّة ثانيّة، يرى المراقبون أنّ الصفات التي وضعها سيّد بكركي، تميل أكثر لكفّة قوى الرابع عشر من آذار و”السياديين”. وبالتالي، فإنّ طرحت المجموعات الاخيرة مرشّحها المعتدل سياسيّاً، ولكّن المتشدّد سياديّاً، فمن المرجّح أنّ لا يقبل به “الثنائيّ الشيعيّ” بشكل خاصّ. فـ”حزب الله” يريد تعزيز مكانته وموقعه السياسيّ من خلال إيصال رئيس للجمهوريّة حليفٍ له، ويدعم “المقاومة” ويُشرّع سلاحها بوجه العدوّ الاسرائيليّ.
 
ويُضيف مراقبون أنّ إتّفاق “المعارضة” حول مرشّح، والتفافها حوله، سيدفع رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى التريّث في الدعوة لجلسة إنتخاب، وصولا إلى تطيير “حزب الله” النصاب الدستوريّ، لقطع الطريق أمام “معراب” وحلفائها. من هنا، يعتبر المراقبون أنّ الدعوة لعقد الجلسة بيّد “الثنائيّ الشيعيّ”. فيما النصاب يُمكن أنّ يتمّ تطييره من كِلا الجانبين، أيّ “المعارضة” و”الحزب” وحلفائه. ويلفت المراقبون إلى أنّ في جعبة الضاحيّة الجنوبيّة أسماء مُمكن أنّ تقلب المعادلة لصالحها، وأبرزها رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة، الذي لا يزال ينتظر تبنّي ترشيحه من المسيحيين في 8 آذار، وفي مقدّمتهم باسيل، ليبارك السيّد حسن نصرالله بعدها هذا الترشيح، وتسير به كتلة “الوفاء للمقاومة” إلى مجلس النواب، مع “حركة أمل”.
 
ويُشير مراقبون إلى أنّ عدم تماسك نواب “الثورة” من ناحيّة، وعدم وحدة الصفّ في “المعارضة” سيدفع 8 آذار إلى طرح فرنجيّة، أو أي مرشّح آخر قادر على إجتذاب الاصوات من الفريق المقابل. والامر ليس مستحيلاً بحسب المراقبين. فالاهمّ عند الكثير من النواب الخروج من المراوحة السياسيّة القاتلة، التي تفرض نفسها عند كلّ إستحقاق. ويقولون إنّ هذا ما جرى على سبيل المثال في جلسة إنتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه. حيث استطاع نوابٌ محسوبون على “المعارضة” أو على “الثورة” كسر الجمود، وإنتخاب برّي رئيسا وبو صعب نائباً له.
 
أمّا إنّ استطاعت “المعارضة” توحيد جهودها، وخصوصاً بعد تقارب “القوّات” و”الكتائب”، وقيام تكتلات حديثة، وآخرها “تجدّد”، وعدم وقوع النواب السنّة المحسوبين على تيّار “المستقبل” في خطأ الـ2016، وملاقاة نواب “الثورة” لهم، عوامل ستلعب دوراً أساسيّاً في تحكّم “المعارضة” بمفاصل الانتخابات الرئاسيّة، من تسميّة مرشّحها والتمسّك به، وصولاً إلى تطيير النصاب.
 
ويُذكّر مراقبون أنّه يستحيل وصول رئيسٍ قويّ إلى بعبدا هذه المرّة. من هنا، أهميّة الاتّفاق حول شخصيّة وسطيّة جامعة، لا تُشكّل إستفازازاً لايّ فريق. إلّا أنّهم يرون من خلال التطورات الاخيرة، وأبرزها القضائيّة والمعيشيّة، عبر ملاحقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والتحقيق مع المطران موسى الحاج، بالاضافة إلى إضراب موظفيّ القطاع العامّ ومصرف لبنان، أسباب من الممكن أنّ تحرف الانظار عن الاستحقاق الرئاسيّ، وتفرض أمراً واقعاً جديداً، ربما يُبقي رئيس الجمهوريّة في موقعه رغم إستبعاد هذا الطرح، ريثما تعود الاوضاع لطبيعتها.
 
ويختم مراقبون أنّ إقتراب موعد 1 أيلول يتزامن مع رغبة العدوّ الاسرائيليّ بالتنقيب عن الغاز في حقل “كاريش”، وتهديد السيّد نصرالله بخيار الحرب لحماية الثروات البحريّة اللبنانيّة. ما يعني عمليّاً، أنّ الاوضاع ذاهبة لتصعيد خطيرٍ، إنّ لم تنجح المفاوضات غير المباشرة، أو استبق “حزب الله” المحادثات، وأشعل حرباً مع إسرائيل، ستُطيّر حتماً الانتخابات الرئاسيّة، لفرض معادلة داخليّة جديدة.