هل يكفي التعويل على صواريخ ومسيّرات محور “المُمانَعَة” وحدها، لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان، وعلى قدرة تلك الأسلحة على ترجمة نفسها في القرار الرسمي اللبناني، على حساب باقي الأفرقاء، كما كانت عليه الأحوال والظّروف التي تحكّمت بالانتخابات الرئاسية في عام 2016؟
“انتعاشة”
ففي ذلك الوقت، كان التحالف “المشرقي” في مرحلة “انتعاشة”، بعد توقيع الاتّفاق النووي مع إيران في عام 2015، و”نزول” الجيش الروسي في سوريا، في عام 2015 أيضاً، وبتعميق العلاقات والتنسيق بين إسرائيل وروسيا، بما حوّل موسكو الى لاعب أساسي في الشرق الأوسط، ومكّن طهران من القيام بما تريده، تحت سقف الإيقاع الروسي – الإسرائيلي؟
“من كيسكون”
ولكن هذا الوضع انقلب رأساً على عقب حالياً. فروسيا باتت شبه “مطرودة” من الغرب، فيما علاقاتها بإسرائيل تسوء تدريجياً، وهو ما يجعلها تتبادل التهديدات الوجودية “الباردة” حالياً، بينها وبين تل أبيب في الشرق الأوسط، وذلك بسبب الدّعم الإسرائيلي “البارد” لأوكرانيا.
فيما تقف إيران، العاجزة عن إبرام اتّفاق جديد مع الولايات المتحدة الأميركية حالياً، جانباً، ومثل الغراب الذي ينتظر الجيفة لينقضّ عليها.
فموسكو تضعف في سوريا، من دون أن تتمكّن طهران من فرض قدرتها على الحلول مكانها. بينما لا نجاح إيرانياً على أي صعيد، وفي أي ملف، منذ عام 2019، إلا على مستوى التسبُّب بزيادة الانهيارات المعيشية، والاقتصادية، والمالية، في دول محورها.
كما أن سياسة “بتنجحوا من كيسكون، وبتفشلوا من كيسكون”، التي انتهجها الغرب تجاه لبنان، في عام 2016، قد لا تصمد طويلاً بَعْد، وسط مرحلة من المتغيّرات الجيوسياسية الكبيرة.
مواجهة
شدّد مصدر سياسي على أنه “في ظلّ الاشتباك الإقليمي والدولي الكبير حالياً، فإن لا توقّعات خارقة على مستوى الانتخابات الرئاسية في لبنان، ولا شيء يؤكد أنها ستكون مختلفة عن سابقاتها في السنوات الماضية”.
ولفت في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أنه “في عام 2004، كان الجوّ الدولي محموماً أيضاً. ورغم ذلك، اتّخذ فريق محور “المُمانَعَة” قراره بالمواجهة في لبنان، عبر التمديد للرئيس الأسبق إميل لحود”.
موقَّت
ورأى المصدر أن “الوضع نفسه يتكرّر اليوم. فالملف الرئاسي مرتبط بالملفات الإقليمية والدولية. والاحتمالات كبيرة بأن نصل الى مواجهة، إذا اتّجه الإقليم والعالم الى مواجهة، أو أن نذهب باتّجاه حلول، إذا اتّجها نحو الحلول أيضاً، بدورهما (الإقليم والعالم). ومن ضمن تلك الحلول، سيكون انتخاب رئيس لبناني”.
واعتبر أن “الحلول الموقّتة ممكنة أيضاً. فبالمعطيات الحالية، الاحتمال الأكبر هو محاولة انتخاب رئيس “مُمَانِع” بالكامل. ويبدو أن رئيس تيار “المرده” سليمان فرنجية هو الإسم الأوفر حظّاً على هذا الصّعيد، ومن خلال تأمين الثلثَيْن له في مجلس النواب. ولكن هذا النّوع من الحلول، سيكون موقّتاً”.
فراغ
وشدّد المصدر على أن “لا انفراجات مُمكِنَة من خلال القِمَم التي انعقدت في المنطقة مؤخراً، سواء بين الرئيس الأميركي جو بايدن والعرب من جهة، أو على مستوى روسيا – إيران – تركيا في إيران، من جهة أخرى. كما أن التحالفات الموجودة حالياً، عاجزة عن أن توفّر غَلَبَة لمحور على آخر”.
وختم:”نحن في مرحلة من تلمُّس الخطوات، في الوقت الراهن. هذا مع العلم أن خيار الدخول في فترة من الفراغ الرئاسي، لا يزال مرتفعاً جدّاً في لبنان، أيضاً”.