كتب جورج شاهين في” الجمهورية”: المخاوف على مصير مهمة الوسيط الاميركي في ملف الترسيم البحري اموس هوكشتاين ما زالت في محلها، فالمؤشرات المرتبطة بتعقيدات ملف تمويل صندوق البنك الدولي لعملية استجرار الغاز المصري والكهرباء الاردنية الى لبنان عبر الأراضي السورية تُنبىء بالتريّث الاميركي في البَت بالملفين معاً. وهي خطوة تم ربطها بانتظار ما ستُسفر عنه الطَحشة الاميركية التي قادها الرئيس جو بايدن في منطقة الشرق الأوسط خلال زيارته الاخيرة من تل ابيب الى الاراضي الفلسطينية المحتلة فالمملكة العربية السعودية والقمة الشاملة التي عقدت في جدة. وما عزّز هذا الاعتقاد سقوط المواعيد التي حددت للانتهاء من مشروع الغاز المصري والكهرباء الأردنية التي تدحرجت حسب ما أنجَزته وزارة الطاقة اللبنانية من تفاهمات واتفاقات ثنائية بين بيروت والقاهرة وعمان، قبل التفاهم على مستوى المديرين العامّين بين الاطراف الاربعة السوري والمصري والأردني واللبناني. وهي تزامنت مع مضمون البيانات المصرية والأردنية التي رجّحت التفاهم النهائي على الصفقة من مطلع آذار الماضي إلى نهاية نيسان فحزيران، وآخرها تحديد موعد لا يتجاوز منتصف آب المقبل وهي مواعيد انهارت واحدة تلو الاخرى من دون اي مبرر منطقي.
والى هذه المؤشرات، فإنّ السباق ما زال قائما بين مجموعة من الخيارات، منها من يتحدث عن عدم وجود اي تعديل على خريطة الطريق التي توقعها الجانب الاميركي فور تسلّمه موقفا لبنانيا موحدا في نهاية حزيران الماضي. – وبمعزل عما تسببت به مسيّرات “حزب الله” فوق المنطقة الاقتصادية الاسرائيلية – فقد تحدث عن اتفاق مبدئي قد يصل إليه نهاية الشهر الجاري وسبق ان تحدث عنه وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب ايضاً عقب لقاءاته مع السفيرة الاميركية وهوكشتاين نفسه. وهو موعد سيؤدي حتماً الى احياء المفاوضات بين لبنان واسرائيل ـ وليس ضرورياً ان تتم عبر مقر القوات الدولية في الناقورة – لتوقيع التفاهم النهائي في ايلول المقبل ليتزامن هذا الإنجاز وبدء تصدير الغاز الاسرائيلي في التوقيت الأمني والتجاري الاكثر أمناً واستقراراً من حقل كاريش في اتجاه المنشآت البرية على الساحل الفلسطيني المحتل ومحطة التغويز المصرية في دمياط قبل توريده الى أوروبا عبر الخط المصري ـ الإسرائيلي – القبرصي.
على هذه المعطيات المتشابكة نسجت الاجواء المترددة على اكثر من مستوى لجهة فشل كل المساعي المبذولة لإقفال هذا الملف او بالعكس. وفي حال النجاح سينتقل العمل الى مرحلة الاستكشاف في لبنان والإنتاج الحقيقي في اسرائيل، وهي حالات ما زالت تتأرجح بين هبّة ساخنة واخرى باردة في انتظار ان يحسمها الوسيط الاميركي سلباً أم ايجاباً على قاعدة التأكيدات الأميركية بأنه سيواصل العمل مع لبنان واسرائيل كما أكّد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس قبل يومين، عندما شدّد بعد ترحيب بلاده “بالحوار البنّاء، وبالتقدم الذي تم إحرازه”، على العمل “ما في وسعنا، وسيفعل هوكشتاين كلّ ما في وسعه لدعم ذلك ودَفعه إلى الأمام”.
وعليه، طرح السؤال: هل يكفي الإعلان عن النيات الاميركية لننتظر النهايات السعيدة في ملف معقّد الى هذه الدرجة، بَدل القيام بالمساعي التي تثبت حق الطرفين في مواردهما وثرواتهما لإقفال باب المزايدات القائمة بينهما والتوجه الى حل قانوني وعادل بما تكفله قوانين البحار والمحاكم الدولية يُرضي الجميع في آن؟
مخاوف من أفخاخ تنصب لمساعي الترسيم الايجابية؟!
