يعود الوسيط الاميركي في ملف ترسيم الحدود آموس هوكشتاين إلى بيروت الاحد المقبل لاستئناف مهمته بين بيروت وتل ابيب، للتوصل إلى اتفاق على ترسيم الحدود، قبل المواعيد المحددة لاستخراج الغاز في حقل كاريش لصالح اوروبا في بدايات ايلول المقبل.
وفي هذا السياق كتبت” كلير شكر” في “نداء الوطن”: تزداد الخشية من أن تكون حصيلة الجولات المكوكية التي قام ويقوم بها الوسيط الأميركي، وضع لبنان أمام خيارات أحلاها مرّ، وتبدأ باتفاق إطار جديد، ولكن هذه المرّة ضمن مساحة محددة بين خطيْن، أي خطّ «هوف» والخطّ 23 بعد اسقاط الخطّ 29 وتأكيد لبنان الرسمي أنّ الخطّ 23 هو خطّه الحدودي. ويرجّح السيناريو المحتمل، أن يكون في جعبة الإسرائيلي خطّ جديد سيضعه على الطاولة اذا تمّ الاتفاق على العودة إلى المفاوضات غير المباشرة ضمن اتفاق اطار جديد، بحجج قانونية تسمح له بتجاوز الموقف اللبناني القانوني، ويرجّح أنّ يكون هذا الخطّ الجديد متعرجاً، يمنح لبنان جزءاً من حقل قانا، مقابل التخلي عن جزء من البلوك 8 المعروف أنّه غني بالغاز.من هنا أهمية إعادة تعزيز موقف لبنان التفاوضي من خلال تثبيت الخطّ 29. أما الاقتراح الأول الموضوع على جدول أعمال الهيئة التشريعية، فيرمي إلى تعديل المادة 17 من القانون رقم 163/2011 لتضمينه خريطة واحداثيات ترسم حدود المياه الاقليمية الجنوبية والمنطقة الاقتصادية الخالصة جنوباً، وفقاً للخطّ الذي رسمته مصلحة الهيدروغرافيا في الجيش اللبناني والمعروف بالخطّ 29، والمقدّم من النائب حسن مراد.والاقتراح الثاني يرمي إلى تعديل المادة 6 من القانون 163/2011 (تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة)، والمقدّم من النائبة بولا يعقوبيان.في الواقع، صار معروفاً أنّ المطالبة بتثبيت الخطّ 29 تهدف إلى تحصين موقف لبنان التفاوضي بالحجج القانونية التي تحول دون طغيان الحجج الإسرائيلية خلال المسار التفاوضي. ولهذا، اندفع بعض النواب باتجاه المطالبة بتعديل القانون 163/2011 بعدما سقطت كلّ محاولات تعديل المرسوم 6433 من جانب السلطة التنفيذية.ولهذا، يعتقد المتحمسون لخيار التعديل وتثبيت الخطّ 29 أنّ الجلسة التشريعية فرصة جدية أمام الدولة اللبنانية لتحسين موقفها من خلال تدعيم قرائنها القانونية. إلا أنّ هذا المسار دونه عراقيل سرعان ما ستظهر مع عرض الاقتراحين:أولى تلك العراقيل، هي تعددية الاقتراحات ما قد يدفع رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى إحالة الاقتراحين إلى اللجان النيابية لدرسهما. لهذا يُفترض بالنواب المعنيين أن يستبقوا الأمر والاتفاق على دمج الاقتراحين طالما أنّهما يصبوان إلى هدف واحد.ثانية تلك العراقيل، هي الخشية من اسقاط الاقتراحين بحجة أنّ لبنان وسط المفاوضات ولا يجوز بالتالي تعديل الحدود البحرية. إلّا أنّه بالامكان تجاوز هذا المطب من خلال تضمين القانون بنداً يقول بإمكانية تعديل الاحداثيات بموجب مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء على ضوء نتائج المفاوضات الجارية، مع العلم أنّ نقاشاً مماثلاً جرى في العام 2018 حول ما اذا كان يفترض توثيق الاحداثيات في قانون أو في مرسوم. وقد رسا الخيار يومها على المرسوم.وكتب محمد علوش في”الديار”: سيسمع هوكشتاين نفس الكلام من قبل المفاوض اللبناني الذي سيؤكد أن حصول لبنان على حقوقه هو الضمانة الأمنية التي ينتظرها «الإسرائيلي»، وهذا ما يأتي تطبيقاً لمعادلة «لا غاز من كاريش، دون غاز من قانا»، لذلك ستتمحور المفاوضات في بيروت حول الهمّ اللبناني بالترسيم من جهة وحق لبنان بالتنقيب من حهة ثانية، مقابل الهمّ «الإسرائيلي» الأميركي الاوروبي بمنع تعرض المنطقة الى حرب حول الغاز لحاجة أوروبا له.
خلال الفترة الماضية، بعد إطلاق المسيرات الثلاث باتجاه كاريش، تحرك حزب الله بطريقة يقرؤها العدو، دون صخب وضجيج إعلامي، وبحسب معلومات «الديار» فإن الحزب اتخذ عدة قرارات عسكرية تُفهم من قبل العدو، وتُظهر جهوزيته للخيار الأسوأ أي الحرب، علماً أن حزب الله لا يعتبر الهجوم على منشآت الغاز في البحر «حرباً ابتدائية» (أي أن تبادر المقاومة لإطلاق الحرب)، كون هذا النوع من الحروب له محاذير شرعية، بل حرباً دفاعية عن حقوق لبنان مستقبل أبنائه الذين لا يملكون فرصة النهوض سوى باستثمار الثروات في البحر.إن هذه التحركات التي يفهمها «الإسرائيلي» عجّلت بملف الترسيم، دون أن يعني ذلك أن نهايته ستكون إيجابية، ولو أن بعض المعطيات تتحدث عن إيجابية متوقعة في النصف الثاني من شهر آب المقبل، فالملف بات يتحرك على جبهتين، جبهة اميركية تسعى لتوقيع اتفاق الترسيم، وجبهة فرنسية تعمل لتطمين لبنان حول التنقيب والعمل بعد الترسيم حيث تتولى باريس قيادة هذه التطمينات، خاصة أن الشركة التي يفترض بها العمل هي شركة توتال الفرنسية. فهل يحصل تبادل الضمانات بين لبنان والعدو قريباً، ما يسمح باقتراب الاتفاق على الحدود؟