عاد منسوب الحماوة إلى الارتفاع في ملف الترسيم الحدودي البحري مع إسرائيل غداة تجديد الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله التهديد باستهداف كافة حقول النفط والغاز الممتدة على كافة الشواطئ والسواحل الإسرائيلية.ويعود الوسيط الأميركي السفير آموس هوكشتاين نهاية الأسبوع الجاري إلى بيروت، حيث تترقب القيادات الرسمية الجواب الذي سيحمله معه من الجانب الاسرائيلي حيال “المقترح اللبناني الموحّد” لترسيم الحدود البحرية الجنوبية.
ونقلت مصادر مواكبة لمستجدات الملف لـ”نداء الوطن” أن الجانب اللبناني يعوّل على أن تكون أجواء زيارة هوكشتاين المرتقبة “إيجابية” تمهيداً للعودة إلى مفاوضات الناقورة برعاية الأمم المتحدة “وفق اتفاق الإطار” الذي سبق وأعلن التوصل إليه رئيس المجلس النيابي، موضحةً أنّ مهمة التفاوض ستعود إلى “طاولة اللجنة الثلاثية العسكرية التي تجتمع دورياً للنظر في الخروقات الحدودية وفي تطبيقات القرار الدولي 1701، على أن يتولى كل من الجانبين اللبناني والإسرائيلي تشكيل فريقه التقني والقانوني الداعم لهذه المهمة والعمل على وضع الإحداثيات التي تؤدي إلى بلورة صيغة الاتفاق النهائي على الترسيم في أقرب فرصة ممكنة تحت سقف زمني من المفترض ألا يتجاوز شهر أيلول المقبل” موعد بدء إسرائيل باستخراج الغاز من حقل كاريش.وكشفت المصادر أنّ “فرنسا وبالتعاون مع قطر تلعب دوراً حيوياً لعدم فشل هذه المفاوضات، وفق معادلة وعدت من خلالها باريس عبر سفيرتها في بيروت التي كثفت جولاتها على القيادات اللبنانية والحزبية المعنية، أن تباشر شركة “توتال” فور الاعلان عن الاتفاق عملية التنقيب في الحقول اللبنانية بلا تأخير، الأمر الذي من شأنه أن يعيد الهدوء الى الحدود الجنوبية بعيدا من أجواء التصعيد”، لافتةً في هذا المجال إلى تلقي “وعود حاسمة ببدء التنقيب بمجرد الوصول إلى اتفاق نهائي للترسيم البحري الحدودي بين لبنان وإسرائيل على أن تصبح مسؤولية السلطة اللبنانية متابعة عمل الشركات الأجنبية وتحديداً شركة “توتال” عن كثب وبجدية من دون أي عوائق كتلك التي واجهتها الشركة الفرنسية خلال مرحلة التنقيب في البلوك رقم 4 حين وضعت في وجهها عراقيل لوجستية لغايات نفعية”.
وقالت مصادر مواكبة للملف لـ»الديار» ان «ايجابية حذرة تحيط بالملف، على وقع تصعيد من الطرفين اللبناني والاسرائيلي يفترض انه طبيعي ومنطقي في مرحلة شديدة الدقة من المفاوضات».
وكتبت” البناء”: “عبّر مصدر سياسي واسع الاطلاع ومقرب من إحدى المرجعيات السياسية عن مخاوفه من المماطلة الأميركية لا سيما أن تجربة المفاوضات مع الأميركيين غير مشجّعة بسبب أساليب المماطلة والانحياز الدائم الى المصلحة الإسرائيلية. يرجح إنجاز ملف الترسيم خلال أشهر قليلة لكون المعطيات والظروف الإقليمية والدولية تختلف عن السابق وأصبحت لصالح لبنان إذا عرف كيف يستثمرها، ويكشف وفق ما علمت «البناء» أن الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين سيزور لبنان خلال الأسبوع المقبل ويحمل معه الرد الاسرائيلي على المقترح اللبناني، (هوف + وحقل قانا ومساحة بين الخطين 23 و29).
ويرى المصدر أن الظروف الدولية وتشابك وتقاطع المصالح الأميركية – الأوروبية – الاسرائيلية سيدفع الجانب الإسرائيلي والأميركي الى حل لملف الترسيم في نهاية المطاف وعلى الأرجح في أيلول المقبل لكي يتسنى للإسرائيليين استخراج الغاز وتصديره الى أوروبا التي تتحرك على كافة الصعد لتسهيل الحل لضمان حصولها على الغاز من المتوسط قبل فصل الشتاء، وما إعلان شركة توتال عن استعدادها لشراء الغاز اللبناني قبل استخراجه وفق مصدر أوروبي إلا دليل على الحاجة الاوروبية للطاقة، ما يعني أن لبنان سيكون أمام فرصة ذهبية قد لا تتكرّر، وقد تنجح المفاوضات التي يقودها الأميركي للتوصل الى حل وسطي لأزمة الترسيم يُشرّع بوابة الحل للأزمة الحكومية وباب الانفراج الاقتصادي ويسهل انتخاب رئيس جديد للجمهورية”.
وكتبت” الاخبار”: يبدو أن كوّة فتحت في جدار مفاوضات ترسيم الحدود.المؤشر الأول اتصال الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين بالمسؤولين اللبنانيين وإبلاغهم نيته القدوم إلى بيروت في 31 تموز و 1 آب المقبلين للقاء الرؤساء الثلاثة وقائد الجيش ووزيري الخارجية والطاقة، إضافة إلى اجتماع لم يعرف بعد ما إذا كان سيكون منفرداً مع نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب.
المؤشر الثاني جاء من تل أبيب عبر تسريبات، قد لا يمكن الركون إليها، تعطي إشارة إلى ما قد يحمله هوكشتين، علماً أن لبنان ينتظر من الوسيط الأميركي رداً واضحاً ومكتوباً حول طلباته. وصدر في ساعة متأخرة من مساء أمس كلام لافت في كيان الاحتلال تمثل في تسريبات إلى «القناة 12» العبرية التي كشفت أن «إسرائيل وجّهت مساء اليوم (أمس)، عبر الولايات المتحدة وفرنسا، تحذيراً شديد اللهجة إلى لبنان و(السيد حسن) نصرالله، خشية أن يحاول القيام باستفزازات حول منصات الغاز».
وقال مصدر متابع في بيروت إن التقديرات الأولية تشير إلى أن الوسيط الأميركي «يعرف أن أي جواب سلبي ستكون له ارتدادات ليست في صالح العدو، وهو اطلع من جديد على مطالب لبنان الواضحة في عدة ملفات، تشمل بداية الإقرار بحقوق لبنان في المياه الإقليمية، وتثبيت هذه الحقوق بما لا يقبل أي تعديل أو تغيير، ثم الإعلان عن ضمانات بأن تباشر الشركات العالمية المعنية، بمعزل عن جنسيتها، أعمال التنقيب والتحضير لعمليات الاستخراج فوراً، والإسراع في إزالة العقبات السياسية أمام صفقات توريد الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان». وتوقع المصدر أن يعمل الأميركيون على صيغة قد لا تحسم الأمور كلها بطريقة تظهر إسرائيل في موقع المتراجع أو المهزوم تحت ضغط تهديدات حزب الله.ويبدو أن الإسرائيليين يريدون من لبنان، عبر الأميركيين، أن تتعهد الحكومة اللبنانية بمنع حزب الله من القيام بأي أعمال استفزازية أو عمليات عسكرية فوق حقول الغاز على طول الساحل الفلسطيني. وهو أمر «غير ممكن، وكلام المقاومة كان واضحاً في أن مجرد إعلان لبنان عن تلقيه ضمانات عملية موثوقة بالحصول على كامل حقوقه ومباشرة الشركات في العمل، فإنها لن تقدم على مهاجمة المنصات الإسرائيلية، وفي حال حصول أي مناورة لن تتردد في توجيه ضربة مباشرة، وهو كلام كان شديد الوضوح من قبل السيد نصرالله نفسه».
وبحسب المصادر، فإن الحذر اللبناني مردّه «عودة البعض إلى الحديث عن البلوك رقم 8». وفي المعلومات أن طرحاً يُناقش بعيداً من الإعلام فحواه التحايل على الملف من خلال إقرار الأميركيين بكامل حقوق لبنان في حقل قانا، لكن من دون أن يكون ذلك مرتبطاً بترسيم واضح، أي أن لبنان أمام احتمال مناورة جديدة تحت عنوان «خط هوكشتين» الذي قدم في شباط الماضي خطياً وفضّل لبنان عدم الإجابة عليه. الاقتراح يقتطع جيباً من حقل قانا المحتمل (جنوبه) بالإضافة إلى أجزاء من البلوك رقم 8 تقع إلى الجنوب منه. والحديث الحالي يتمحور حول القبول بترك تلك الأجزاء مقابل منح لبنان كامل حقل قانا، بمعنى إدخال تعديل على طبيعة الطرح الأميركي.وكتبت غادة حلاوي في”نداء الوطن”:فيما يسود التفاؤل بإمكانية أن يحمل معه جواباً إسرائيلياً على المقترح اللبناني الذي حمله بشأن الترسيم البحري فإن أوساطاً على صلة بالملف استبعدت أن يحمل هوكشتاين جواباً إسرائيلياً إيجابياً على اعتبار أن لبنان لم يبلِّغه صيغة واضحة متفقاً عليها للترسيم وان المشكلة ستتعمق في حال كانت أجواء الوسيط الأميركي سلبية في وقت تصرّ إسرائيل على استكمال عمليات التنقيب على الحدود استباقاً لفصل الشتاء وربطاً بأزمة الطاقة والغاز التي تهدد أوروبا والتي تبحث لها أميركا عن حلّ يمكن أن يكون الغاز الإسرائيلي أحد أوجه حلها. مواقف نصرالله التي أتى وقعها مشابهاً لوقع إطلاق المسيّرات فوق كاريش وأخطر بعداً قوبلت بصمت رسمي فيما كان موقف لبنان الرسمي المتعلق بمفاوضات الترسيم بمعالمه النهائية يُرسم من خلال مواقف أمين عام «حزب الله» الذي حدد فترة زمنية هي الثاني من أيلول وإلا فإن لبنان سيكون أمام مشكلة بالغة الخطورة خصوصاً اذا كان أي رد إسرائيلي لا يلقى قبولاً من «حزب الله».