كتبت جويل رياشي في “الأنباء”: بسطت أزمة رغيف الخبز سلطتها في كل لبنان: طوابير المنتظرين أمام الأفران تذكر اللبنانيين بأيام سوداء تعود الى ما قبل حربهم الأهلية (1975 – 1990)، الى مجاعة 1914 اثناء الحرب العالمية الاولى، مع غياب القمح ومصادرة المزروعات من قبل الحاكم العسكري، أيام اعتقد اللبنانيون أنها دخلت الى الكتب، وبينها رائعة الأديب الراحل توفيق يوسف عواد «الرغيف» الصادرة في 1939.
لكن عقارب الزمن تعود باللبنانيين الى الوراء بالصوت والصورة!
أمام مشهد الطوابير وما يرافقه من سخط على النازحين السوريين الذين يقاسمون اللبنانيين رغيف خبزهم، يعود الناس بالذاكرة الى أيام الحرب الأهلية وذكريات إطلاق النار بين جيران ضمن الحارة الواحدة، في الصراع على الرغيف.
بالصورة، يستعيد اللبنانيون مشهدا من فيلم «بيروت الغربية» لزياد دويري (1998)، حيث يقدم المقاتل في إحدى الميليشيات الممثل فادي أبي سمرا على ضرب جاره ورفيق والديه في الحي الممثل الراحل محمود مبسوط «فهمان»، بسبب عدم انصياع الأخير في تأمين الكميات اللازمة من أربطة الخبز التي طلبها «الحنش» (أبي سمرا).
مشهد آخر مستعاد من «سفر برلك» للمخرج المصري هنري بركات (1967) ونص الأخوين رحباني وبطولة فيروز، حيث يقوم ابن البلد الجندي في الجيش التركي سليمان أفندي (الممثل سمير شمص) بالإشراف على عبور حصة بلدة «عين الجوز» من القمح المهرب من سورية.
تبدلت الأدوار وبات أبناء البلدين المجاورين يتنازعون على رغيف الخبز، مع شكوى من اللبنانيين كون «جيرانهم» يملكون ترف الوقت والعديد من الأطفال للوقوف في طوابير الانتظار.
بعض الأفران تعطي أفضلية لزبائنها، وهذا الأمر يحصل في البلدات والقرى الصغيرة. وكذلك بعض اصحاب الدكاكين يضعون جانبا عددا من ربطات الخبز لزبائنهم، كما تفعل سيدة شمالية تملك متجرا لبيع الخضار والفاكهة في ساحل المتن الشمالي.
الازمة أزمة أسعار كالعادة، ستعرف الحل مع رفع سعر ربطة الخبز من 18 الف ليرة (اكثر من نصف دولار اميركي)، الى 40 الفا وربما 50 وأكثر. عندها سيؤمن الخبز للجميع، وستفرج على المواطنين كما حصل في المحروقات من بنزين ومازوت، التي «حلقت» أسعارها وبلغت مستويات قياسية.