“حزب الله” يستقبل هوكستين على طريقته.. هل “يستعجل” الحرب؟

1 أغسطس 2022
“حزب الله” يستقبل هوكستين على طريقته.. هل “يستعجل” الحرب؟


 
في توقيت بالغ الرمزية، وربما الحساسيّة أيضًا، اختار “حزب الله” أن يكشف النقاب عن فصل آخر من فصول “حرب الغاز”، النفسيّة حتى الآن، مع العدوّ الإسرائيلي، كاشفًا في شريط مصوّر عن إحداثيّات منصات استخراج الغاز في المنطقة المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل، تزامنًا مع وصول المبعوث الأميركي آموس هوكستين إلى بيروت.

 
في الفيديو، الذي لم يحجب حتى حادث سقوط جزء من صوامع القمع في مرفأ بيروت الأنظار عنه، استعرض الإعلام الحربي التابع لـ”حزب الله” مشاهد لسفينتي الحفر والإنتاج اللتين استقدمهما الجانب الإسرائيلي إلى محيط منصة كاريش، كما عرض لمشاهد مصوّرة لمحطة كاريش تمّ رصدها من مسافة تسعين كيلومترًا بأجهزة متطوّرة.
 
وإذا كان الشريط المصوّر حمل بين طيّاته رسالة “واضحة وحازمة” إلى الإسرائيليّين، فهو أثار في الوقت نفسه الكثير من علامات الاستفهام عن دلالاته ومغازيه في هذا التوقيت بالتحديد، فما الذي أراد “حزب الله” أن يقوله من خلال هذا الفيديو؟ هل هو يقوّي الموقف اللبناني، أم يشوّش على المفاوضات؟ وما صحّة الحديث أنّه “يستعجل” الحرب؟!
 
رسالة واضحة
 
بالنسبة إلى الرسائل التي أراد “حزب الله” إيصالها سواء إلى الجانب الإسرائيلي، أو من خلاله إلى الراعي الأميركي لمفاوضات ترسيم الحدود، الذي يُقال إنّه جاء إلى لبنان حاملاً “اقتراحًا إسرائيليًا جديدًا”، فقد يكون “عنوان” الفيديو، بحسب ما يؤكد العارفون، كافيًا لرسم معالمها، أي “في المرمى.. واللعب بالوقت غير مفيد”، وهي الرسالة نفسها التي تَرِد في بداية الشريط المصوّر بلسان الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله.
 
يميّز المتابعون في هذا السياق بين “شقّي” الرسالة، فالقسم الأول منها “في المرمى” يريد من خلاله “حزب الله” أن يؤكد للقاصي والداني أنّ منصّة كاريش بمجملها، بكلّ ما تحتويه من سفن وغير ذلك، هي “تحت مرمى” المقاومة وصواريخها، وهو ما “يترجم عمليًا” الرسالة التي سبق للسيد نصر الله أن وجّهها للإسرائيليين في مقابلته التلفزيونية الأخيرة، حين أعلن أنّ الحزب قادر على ضرب الأهداف التي يريد ضربها “في أيّ مكان في بحر فلسطين المحتلّة”.
 
أما الشقّ الثاني من الرسالة، فقد لا يقلّ أهمية ووقعًا عن شقّها الأول، وهو الذي لم يُكتفَ بالإشارة إليه خطيًا، بل أضيف إليه صوت السيد نصر الله نفسه، وذلك في سياق التأكيد على أنّ “الرهان” على الوقت لن يفيد، وبالتالي فإنّ لجوء الإسرائيليّين أو رعاتهم الأميركيين لأيّ “مناورات” من أجل المماطلة والتأخير، لن يكون مجديًا، علمًا أنّ الحزب سبق أن وضع “مهلة” واضحة لإنجاز الملف، تنتهي قبل بلوغ شهر أيلول المقبل.
 
“سرّ” التوقيت
 
لكنّ الرسائل التي تبدو “واضحة” للبعض خلف فيديو “حزب الله”، اصطدمت في الوقت نفسه، مع “التوقيت” الذي كمن “سرّ” الشريط المصوّر خلفه، حيث يعتبر المتابعون أنّ الحزب “تقصّد” أن يُظهِر الفيديو تزامنًا مع وصول المبعوث الأميركي إلى بيروت، وذلك بغية إيصال “الرسالة” إليه بالدرجة الأولى، وإن كان البعض اعتبر أنّه أراد “التشويش” مرّة أخرى على المفاوضات، وعلى موقف الدولة، التي سبق للحزب أن قال إنّه يقف “خلفها”.
 
في هذا السياق، اعتبر البعض أنّ “حزب الله” أراد عمليًا القفز فوق موقف الدولة “التسووي”، بدليل “الرسائل” التي سعى لإيصالها عبر الفيديو، الذي قد لا يكون “بريئة” أنّه أرفِق مع جولة “قمصان سود” جديدة على الحدود، ترجمت “استنفارًا” على الجانبين اللبناني والإسرائيلي على حدّ سواء، علمًا أنّ جمهور “الحزب” الافتراضي لا يزال ثابتًا على “قناعة” أنّ الحرب آتية لا محالة، بل بين صفوفه من بدأ يعدّ “العدّ العكسي” لانطلاقتها.
 
في المقابل، ثمّة من يعتبر أنّ رسائل “حزب الله” هي عامل “قوة” للدولة، لا العكس، حتى لو اختار ممثلوها الرسميون الانكفاء، أو “التنصّل” من عمليّاته وتسجيلاته، فهو يؤكد على رفض التنازل عن حقوق لبنان البحرية والنفطية، مهما كان الثمن، وهو يترجم القول بالفعل، مستندًا إلى “تصديق” الإسرائيليين لما يقول، ما ينبغي أن يدفعهم إلى “التواضع” وعدم “التصلّب” أو رفع السقف، حتى في ذروة الحديث عن “مزايدات” تسبق الانتخابات.
 
صحيح أنّ جمهور “حزب الله” الافتراضي لا يزال يغلّب احتمالات الحرب وسيناريوهاتها على ما عداها، إلا أنّ مثل هذا الخيار لا يبدو محسومًا بعد، على ما يقول العارفون، وبعضهم يدور في فلك الحزب، حيث يصرّون على أنّ الكرة لا تزال في ملعب المفاوضات، لكنها مفاوضات يريد الحزب أن تسير وفق إيقاعه، وعلى طريقته، وهو ما يتجلى في “الفيديو” الأخير، الذي يفترض أن تظهر “مفاعيله” في المرحلة المقبلة!