لواشنطن مقاربتها المختلفة في الشأن اللبناني، تبتعد عن التفاصيل لكنها لا تتخلى عن العمق الاستراتيجي.
فهي تتقدم عن حلفائها بالتشدد لناحية رفض إلحاق لبنان بالمحور الايراني، فيما تسعى إلى إتمام تفاهمات مع الجانب الايراني ولو بصفة غير مباشرة حيال النفط و الغاز.
وفق أجواء ديبلوماسية مصدرها أوروبا، وضعت الإدارة الأميركية ملف ترسيم الحدود البحرية على الطاولة وتتعامل مع الموضوع بجدية مطلقة، تدرك تشعباته بقدر تعقيداته المتصلة بضرورة مساعدة لبنان على تخطي واقعه المأزوم، لذلك تطرح على إيران، قبل أي طرف آخر، إنجاز الترسيم مع اسرائيل بهدوء، وهذا لن يتم من دون أثمان بطبيعة الحال.
لذلك، لا تعلق واشنطن آمالا على الاجتماع السعودي – الفرنسي حيال لبنان بقدر ترسيخ فكرة فصل لبنان عن المشروع الأيراني او الفارسي، و هذا يرتبط عضويا بالتناقضات الداخلية في العراق حيث باتت الساحتان متشابهتين بالعلة كما بالعلاج.
تصرف واشنطن اهتمامها صوب إسرائيل ومصالحها الحيوية كونها الإشكالية الكبرى في المنطقة، وكل ما بتفرع منها ليس سوى تفاصيل.
في المقابل، تبدو الضفة اللبنانية متلقفة كون الدولة مهددة بالانهيار كسلطة مركزية مثل حال العراق المضطرب أمنيا وسياسيا ، في مقابل مركز نفوذ قوي في المنطقة يتمثل بحزب الله، الاقوى والاقدر بين الأطراف اللبنانية في القضايا الكبرى، القوى اللبنانية باتت خائرة وعاجزة تستلم لمطلق مبادرة، وهذا تحد إضافي لحزب الله ينبغي ادراك مخاطره في صلب المعادلة اللبنانية.
وحده حزب الله يلعب إقليميا و دوليا، هو ليس بمتلقي كالاخرين في لبنان ، قادر ومتحكم بالملفات المصيرية ومن ضمنها رئاسة الجمهورية كما ترسيم الحدود وبالتالي التنقيب عن النفط ، وفي الوقت ذاته يمنح الضمانات أو التدخل عسكريا، وهو دخل ميدانيا في صلب مفاوضات الترسيم سلما ام حربا، وأرسل إشارات واضحة في هذا المجال.واشنطن ، وعبر إشارات متعددة، وضعت مواصفات رئيس الجمهورية المقبل وفق دفتر شروط قوامه تقطيع المرحلة، ولا تجد غضاضة بالاتفاق على مطلق شخصية توافقية بانتظار التسوية الكبرى في المنطقة التي تضمن دورا اسرائيليا متفوقا على شاطئ المتوسط وتحتاج لدور إقتصادي قائم على التشبيك من أوروبا وصولا حتى أطراف المحيط الهندي في الخليج العربي.
هذا الامر لن يتم دون ثروة نفطية، لذلك تسابق الإدارة الأميركية الوقت وتشترط إنجاز الترسيم اولا ومن ثم البحث في تسوية سياسية تضمن لحزب الله وضعيته داخل التركيبة اللبنانية.
في المقابل يخوض حزب الله معركته من أجل تأمين حق لبنان بالتنقيب كونه الأمل المتبقي للأجيال بعدما عاثت الطبقة الحاكمة فسادا في لبنان و جعلته بلدا مفلسا بإمتياز.