ضرب “حزب الله” موعدا واضحا مع التصعيد العسكري ضد اسرائيل وحدد ايلول كساعة صفر لا تراجع عنها في حال وصلت المفاوضات الى طريق مسدود، لكن الحزب نفسه ايضا حاول في الايام القليلة الماضية ربط عودة حراكه الميداني بنتيجة المفاوضات التي نقلها الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين الى الرؤساء اللبنانيين في اجتماعه معهم امس الاول، وهذا يعني ان استعادة الحزب لتحركاته الميدانية، بغض النظر عن شكلها، سيكون قريبا في حال لم ترض النتيجة تطلعاته.
احد دوافع عودة “حزب الله” للتصعيد هي ان يجد في الحراك الاميركي كسبا للوقت للوصول الى لحظة الاستخراج في اسرائيل والذهاب مجددا نحو مفاوضات طويلة ومسار متكامل من التطمينات التي لا توصل لبنان، من وجهة نظره، الى نتيجة عملية، فهل وجد الحزب بإجابة هوكشتاين التي نقلها من اسرائيل “لعبا بالوقت”؟لا تزال الإجابة التي نقلها هوكشتاين غير واضحة بالكامل بالرغم من كل التسريبات التي انتشرت في وسائل الاعلام، وهذا يعني ان الحزب لن يأخذ موقفا ويبني عليه مسار خطواته المقبلة قبل معرفة كل ما حكي ونقل وتم التعهد به، لكن بناء على التسريبات لا يبدو ان “حزب الله” سيقرأ ما حصل بوصفه تطورا ايجابيا في التفاوض الحاصل.
معظم النقاش الحاصل في المفاوضات يتناول رسم الخطوط والحدود تقنيا، وحتى التقدم الذي طرأ على ملف الترسيم لم يستطع لبنان الرسمي الاكتفاء به، وتحديدا رئيس الجمهورية ميشال عون الذي يتعرض لضغط شعبي واعلامي وسياسي جدي بسبب عدم توقيعه على الخط ٢٩، وعليه فإن تقديمه تنازلات اضافية سيكون امرا شبه مستحيل في المرحلة الحالية.لكن وفق معادلة “حزب الله” لا يبدو مهما الاتفاق على الترسيم – الذي لم يحصل – بقدر اهمية ملف التنقيب والاستخراج وهذا ما لا يأخذ حيزا واسعا في التفاوض، ويندرج ربما، وفق الحسابات الاميركية، ضمن بنود المرحلة المقبلة التي تلي الاتفاق على الخطوط، ما يعني ان التنقيب من قبل الشركات لن يتزامن مع عملية الاستخراج الاسرائيلية للغاز ما يشكل بحد ذاته تحديا للحزب.اوحى الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله ان سلوك الحزب في الايام المقبلة سيتحدد بعد تسلم لبنان الجواب الاسرائيلي المحمول اميركيا، وهذا يعني ان الحزب لن ينتظر ايلول قبل البدء، بما يمكن تسميته، بالمشاغبة الامنية، اذ سيحمل شهر اب الكثير من التصعيد الامني والعسكري في اطار الكباش الحاصل من دون ان يؤدي الامر الى تدحرج غير محسوب.
احدى السيناريوهات المطروحة تقول بأن التسوية لن تعقد قبل الذهاب الى اشتباك او معركة عسكرية محدودة، تفرض تنازلات سريعة على تل ابيب وحلفائها، لكن اصحاب هذا السيناريو وضعوا شهر ايلول اطارا زمنيا له، فهل تتسارع الاحداث في شهر آب وتفرض التسوية قبل ايلول شهر الحسم في المنطقة والعالم؟