سيناريو مُباشر من الجبهة.. حقائق تكشف علاقة لبنان بحرب غزّة!

7 أغسطس 2022آخر تحديث :
سيناريو مُباشر من الجبهة.. حقائق تكشف علاقة لبنان بحرب غزّة!


لا يُمكن أبداً استبعادُ لبنان عن وقائع الحرب التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزّة، فالسيناريوهات قد تتداخل في ما بينها على مختلف الجبهات بأيّ لحظة، كما أنه من الممكن أن تتوسّع رقعة النار على أكثر من مستوى وصعيد. 

ما يظهر حالياً هو أنّ التوتر الذي كان يسيطرُ على الجبهة اللبنانية – الإسرائيلية وسط وجود إحتمالية اندلاع حربٍ بين الطرفين، جرى تفجيره في غزّة بشكل غير محسوب. وبمعنى آخر، فإن التهديدات التي كانت تطلقها تل أبيب ضدّ لبنان بشأن إمكانية شنّ عدوانٍ ضدّه، تمّ تنفيذها ضدّ القطاع الفلسطيني في عملية اعتمدت على عنصر المُفاجأة. 
في الوقت الراهن، فإن ما يتبيّن هو أنّ إسرائيل باتت مُنشغلة بمعركةٍ أوجدتها بنفسها، كما أنها ساهمت بخلقِ ذرائعها من دون أن تحسمَ طريقة إنهائها. أما الأمر الأهم، فيرتبطُ بالأهداف التي تسعى إسرائيل لتحقيقها من ذلك العدوان، لاسيما أنه جاء في توقيت يسبق مرحلة الانتخابات التي ستكشف عن شكل الحكومة الإسرائيلية المقبلة. 
لماذا شنّت إسرائيل الحرب الآن.. وما علاقة لبنان؟ 
عملياً، تعيشُ إسرائيل مرحلة ضاغطة بكافة المقاييس. فمن جهة، تُركّز تل أبيب على ملف استخراج الغاز من حقولها النفطية لمدّ أوروبا بمصادر الطاقة، ومن جهة أخرى تسعى لتداركِ كل التهديدات الأمنية التي تحيط بها، سواء من لبنان عبر “حزب الله” أو من قطاع غزّة عبر فصائل المقاومة الفلسطينية المتنوعة. ووسط كل ذلك، تتحضر القوى السياسية الإسرائيلية لخوض معركة الانتخابات من أجل تثبيت نفسها، ويظهر في طليعة هذا المشهد رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد الذي يسعى مع فريقه لإحداث خرق أمني على شكل “انتصار” لتسييل البقاء في السّلطة. 
بشكل أو بآخر، يُمكن اعتبار الأمر الأخير هو هدفٌ من ضمن سلسلة أهداف تسعى إسرائيل لتحقيقها إبّان عدوانها على غزّة، لكن هناك الكثير من الأمور الأخرى التي لا يُمكن إغفالها أو التغاضي عنها، وترتبطُ بلبنان حُكماً.  
قبل أيام قليلة، كانت إسرائيل تتحدّث عن “إيجابية” بشأن المفاوضات مع لبنان بشأن ملف ترسيم الحدود البحرية وكان هناك سعيّ دؤوب للوصول إلى اتفاقٍ يؤدي إلى تسريع الحل عبر الوساطة الأميركية. فجأة، انقلبت الأجواء وتبدّلت الأحوال، فعادت إسرائيل إلى لغة التهديد والوعيد، معلنة أنها ستُرجئ التنقيب عن الغاز في حقل كاريش المتنازع عليه مع لبنان، معللة ذلك بوجود “دواع تقنية” فرضت ذلك التأجيل. 
بشكل واضح، ما يبدو هو أن إسرائيل وجدت نفسها تنساقُ باتجاه تطبيق شروط “حزب الله” في ملف الترسيم، إذ كان الأخير يطالب بالسماح للبنان بالتنقيب في أي بقعة يريدها ضمن حدوده، كما أنه فرض معادلة عسكريّة مرتبطة بكاريش. وضمنياً، كانت إسرائيل ستقبلُ بما يريده الحزب من دون أن تشعر، الأمر الذي يجعلها في موقف ضعف وليس قوة. عندها، قلبت الطاولة على أميركا وعلى المفاوضات، فوصل الحالُ بها نحو الإشارة إلى أن ملف ترسيم الحدود البحرية قد يُصبح بِحكم المؤجّل حالياً. (إقرأ في لبنان24: “حزب الله” يُطوّق إسرائيل بقوّة.. معطيات تكشفُ لحظة الحرب!).
 
بعد ذلك بأيّام، بدأ العدوان الإسرائيلي في غزّة، وهو أمرٌ يكشف عن تطور غير محسوب، علماً أن الولايات المتحدة كانت تُطالب بالهدوء والسّلم في المنطقة، وهو أمرٌ كان واضحاً وبارزاً في زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الأخيرة إلى فلسطين المحتلة قبل أسابيع قليلة. 
وفعلياً، قد تكون الخطوة الإسرائيلية الأخيرة في غزّة أساسها التالي:  
أولاً: إسكات الشارع الإسرائيلي الذي وجد في مؤسسته العسكرية عجزاً عن التحرّك ضد أي تهديداتٍ تتعرّض لها. لهذا، اتُّخذَ القرار في شنّ الحرب على غزة وتحديداً ضدّ فصيل واحد هو حركة “الجهاد الإسلامي” التي لا تضاهي حركة “حماس” من حيث القوة العسكرية. هنا، سيصور الجيش الإسرائيلي نفسه أمام الجمهور الإسرائيلي على أنه استطاع شنّ حرب في غزة وانتزاع نصرٍ فيها لصالحه عبر اغتيال بعد القيادات من تلك الحركة، مُستثنياً الفصائل الأخرى التي وعلى ما يبدو، لا يريد مواجهتها حالياً. 
ثانياً: إن العجز الإسرائيلي عن شنّ أي حربٍ ضدّ لبنان في الوقت الراهن قد يكون عاملاً أساسياً في اندفاع تل أبيب نحو غزّة مباشرة. حُكماً تحتاجُ إسرائيل إلى إنجاز عسكري بأيّ ثمن قبل الإنتخابات، ولو أقدمت على عدوان ضد لبنان لكانت الأمور انقلبت عليها بشكل كبير باعتبار أن الحرب التي ستخاض مع “حزب الله” تختلفُ تماماً عن الحرب التي تُخاض مع “الجهاد الإسلامي” أو حركة “حماس”. ففي غزة، الأمور ستبقى محدودة والتصعيد سيكونُ مضبوطاً، بينما مع “حزب الله” الأمور ستكون مُغايرة، كما أن بنك الأهداف الذي يضعه الحزب يجعل إسرائيل تحت خطر كبير، ومن الممكن أن يضرب طريقها نحو إستخراج الغاز من البحر لنجدة أوروبا في أزمتها. أما الأمر الأهم فهو أنّ أي حربٍ مع “حزب الله” تتضمن استخداماً لصواريخ دقيقة، ستؤدي إلى استنزافٍ كبير للجيش الإسرائيلي من جهة، وستُحدث خضة كبيرة في الشارع الإسرائيلي على حكومته. 
هل ستكونُ لـ”حزب الله” مشاركة في الحرب القائمة في غزّة؟ 
وبمعزلٍ عمّا يمكن أن تُظهره الوقائع الميدانية في غزة، فإنه من المستبعد تماماً أن ينخرط “حزب الله” في المعركة القائمة باعتبار أن هذا الأمر له تداعيات عديدة عليه وعلى لبنان. لكنهُ في المقابل، إذا اتخذت الجبهة في غزة إطاراً توسعياً، عندها قد يكون لـ”حزب الله” ردّ من الجنوب اللبناني باتجاه الحدود الشمالية الإسرائيلية، وهذا التدخل سيزيدُ عملياً من إنهاك العدو الإسرائيلي إذ سيُصبحُ منشغلاً على أكثر من جبهة.  
وبالعودة إلى الحروب السابقة، لم يسبق أبداً أن خاض العدو الإسرائيلي حرباً على جبهتي لبنان وغزة في وقتٍ واحد، لكن هذا السيناريو – وإن كان مستبعداً – يُمكن أن يطرح نفسه بقوّة في أي لحظة. وخلاله، من الممكن أن تُطرح معادلة “كاريش” التي أرساها “حزب الله”، وقد تتدحرج الأمور نحو تصعيد غير مسبوق كان الحرس الثوري الإيراني ألمح إليه خلال الساعات القليلة الماضية. واستناداً إلى هذا الأمر، كشفت تقارير اعلاميّة اسرائيلية جديدة خلال الساعات الأخيرة أنّ الجيش الإسرائيلي رفع من التأهب حول منصات الغاز في “كاريش” وذلك تزامناً مع الحرب القائمة في غزة. 
وبحسب التقارير فإنّ “تهديدات حزب الله لتلك المنصات تتصاعد مع اقتراب موعد استخراجها للغاز خلال الشهر المقبل”.  
باختصار، ما يمكن قوله هو أنّ أحداث غزّة قد تفتحُ الباب نحو معركة واسعة، لكنّ القرار في هذا الشأن يحتاجُ إلى تقديرات عميقة. أما في ما خصّ لبنان، فمن الممكن أن تندلع المعركة بينه وبين إسرائيل في حالِ دخل ملف ترسيم الحدود البحرية مرحلة الخطر، وبحالِ عادت إسرائيل تستقوي بالقوة العسكرية.. وعندها، لكل حادث حديث!  

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.