إذا رُسّمت الحدود في أوائل أيلول يُنتخب رئيس في أواخره… وإلاّ

8 أغسطس 2022
إذا رُسّمت الحدود في أوائل أيلول يُنتخب رئيس في أواخره… وإلاّ


الذين يربطون الإستحقاق الرئاسي بالتطورات على الساحتين الإقليمية والداخلية يميلون إلى الإعتقاد أنه إذا تمّ التفاهم بين لبنان وإسرائيل، بوساطة أميركية، على ترسيم الحدود، بما يرضي الجانب اللبناني في أوائل ايلول، فإن إنتخاب رئيس جديد للجمهورية سيتمّ حتمًا في أواخره. وعندها لا يعود مهمًّا كثيرًا من هي الشخصية التي سيتمّ التوافق عليها، خارجيًا أولًا، وداخليًا ثانيًا. 

أمّا إذا أصرّت إسرائيل على فرض شروطها وبقيت متمسّكة بالخط المتعرّج، ولم يصر بالتالي إلى توقيع إتفاقية الترسيم، فإن لبنان سيدخل من جديد في حلقة الفراغ المغلقة. وهذا الأمر من شأنه أن يرفع وتيرة التشنجات على مستوى كل الجبهات، العسكرية منها والسياسية، خصوصًا أن “حزب الله”، الذي سبق له أن هدّد بالتصعيد دفاعًا عن حقّ لبنان الطبيعي بثرواته من الغاز والنفط في مياهه الخالصة، سيجد نفسه مضطّرًا لتنفيذ تهديداته، وذلك حفاظًا على هيبته وصدقيته أمام بيئته أولًا، وأمام طهران، التي إستبقت أي عمل عسكري على الجبهة الجنوبية بتصريح أدلى به رئيس الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، إعتبره البعض تدخلًا سافرًا في الوضع اللبناني الداخلي. 
إلاّ أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لا يوحي بأن العدو سيسهّل مهمة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، بل على العكس فإن مفاوضات الترسيم ستدخل مرحلة جديدة من التعقيد، وذلك عبر محاولة تل أبيب فرض شروط تعجيزية جديدة لن يقبل لبنان بها بالطبع، الأمر الذي يعزّز مناخ توتير الجبهة الجنوبية بالتوازي مع التوتّر الذي يشهده الداخل الفلسطيني. 
وعليه، فإن كل حديث عن إنتخابات رئاسية ممكنة يبقى حديثًا في غير محله، بإعتبار أن حال البلاد ستكون في هذه المرحلة الفاصلة عالقة بين فكّي الشروط الإسرائيلية التعجيزية، وبين إحتمال عدم ركون “حزب الله” لأمر ترك إسرائيل تستخرج غازها من حقل “كاريش” ومن غيره من الآبار من دون توجيه ضربة موجعة لن تخلو بالطبع من ردّ إسرائيلي محتمل. 
على خطّ متوازٍ، لا يزال البعض يتصرّف بالنسبة إلى الإستحقاق الرئاسي وكأنه حاصل لا محال. وعليه فإنه وعلى رغم أن الكثير من الأوساط يطرح معادلة مفادها أن رئيس تيار “المردة” النائب السابق سليمان فرنجية هو المرشح الأفضل للرئاسة بالنسبة إلى “حزب الله”، إلا أن الحزب لا يزال حتى الساعة يتجنّب الإعلان رسميًا عن دعمه له، مع العلم ان الإقتراب من الزمن الإنتخابي بات وشيكًا. 
 وسبب تريث “حزب الله” على الأرجح بدعم ترشيح أحد هو إنتظار المستجدات في الأسابيع المقبلة، سواء الداخلية منها خصوصًا تلك المتعلقة بالتوازنات القائمة على مستوى موازين القوى المجلسية الجديدة، ومدى إمكانية التفاهم على مرشح وسطي لن يكون الحزب معارضًا له، أو بما يتعلق بالتوازنات الخارجية المتعلقة بترسيم الحدود وما يمكن أن يحمله هذا الأمر من مستجدات قد تؤدي الى تطيير الإستحقاق الرئاسي.  
أيًّا تكن الإتجاهات المعاكسة فإن ثمة معطىً أساسيًا في المعادلة الداخلية، وهي أن “الثنائي الشيعي” المتفاهم على كل شيء تقريبًا هو الذي لا يزال الجبهة الأقوى في ما يخصّ الإستحقاق الرئاسي في وجه قوى مشتتة وغير موحدة وغير متفاهمة على أسس واضحة لمعالم المرحلة المقبلة، على رغم سعي “القوات اللبنانية” إلى توحيد القوى المعارضة والموزّعة بين “سياديين” و”مستقلين” و”تغييريين”، والإنتقال إلى مرحلة غربلة الأسماء التي تتمتع بالمواصفات المطلوبة للرئيس العتيد. 
وهنا لا بد من الإشارة إلى فرضية بقاء الرئيس ميشال عون في بعبدا إلى ما بعد 31 تشرين الأول المقبل في حال تعذّر إنتخاب رئيس جديد بحجّة عدم قبوله بتسليم البلاد إلى الفراغ.