“معارك صغيرة” على أبواب الاستحقاقات الكبرى

11 أغسطس 2022
“معارك صغيرة” على أبواب الاستحقاقات الكبرى


كتب جورج شاهين في” الجمهورية”: ثمة من لا يزال ينصب الأفخاخ والمكائد، بمعزل عن معرفته بمخاطر ما بلغته التطورات على اكثر من مستوى وصعيد من ملامح ازمات مدبّرة، قد تصل إلى مرحلة يفتقد فيها من يعتقد انّه مسؤول، القدرة على إدارة البلاد والعباد من دون ان يغيّر قيد أنملة من مخططاته وامانيه الخاصة على حساب المصلحة العامة، وهو ما يزيد من حجم المآسي المقدّرة التي أفقدت المراقبين تحسّب ما هو آتٍ من استحقاقات داهمة.
وبعد الاعتراف بهذه الحقائق التي لم تعد تخضع لأي نقاش، هناك من لا يزال يبني خياراته على ما يمكن ان يؤدي إلى بقائه في موقعه او يضمن من سيخلفه في هذا الموقع، من دون التفكير ولو للحظة بما سيورثه السلف الى الخلف في أي موقع كان. فالحديث عن تشكيل حكومة جديدة بكل مواصفاتها الدستورية طُوي إلى غير رجعة، في ظل اقتناع شامل، لا يحق لأي ممن كان لهم رأي في تشكيلها ان يلقي اللوم على آخر. فكل ما كان يريده أصحاب القرار قد تحقق. ولا يبدو انّ الرئيس المكلّف كان يريد تشكيل حكومة جديدة، وليس هناك من هو مقتنع بأنّ رئيس الجمهورية يريد حكومة، توفّر له ولفريقه القريب والمحيط به ما في حكومة تصريف الاعمال من تركيبة تضمن الحدّ الأدنى من حاجات المرحلة التي اقتربت من نهايتها المحتومة في 31 تشرين الأول المقبل.
وإلى هذا الستاتيكو القائم بين قصر بعبدا والسرايا الحكومية، لا يمكن لأحد ان يعفي عين التينة والضاحية من مسؤولياتهم في مواجهة المرحلة. وفي الوقت الذي وضع «حزب الله» مقدراته في مواجهة اسرائيل على خلفية ملف ترسيم الحدود واستخراج النفط من الحقول «الفلسطينية المحتلة»، ما زال يتجاهل عدم قدرة لبنان على تحمّل أي ردّ فعل يمكن ان يؤدي اليه اي تفجير أمني مهما كان حجمه، ولو بقي في حدود عملية غزة الاخيرة. وعلى الرغم من ذلك لم يقدّم أي طرف من الثنائي الشيعي على أي مبادرة من اجل كسر الجمود القائم كما فعل سابقاً في أكثر من محطة مشابهة، تاركاً الأمور على غاربها لما قد يشكّله هذا الوضع من تجميد لكثير من الملفات القضائية والادارية المعلقة لأكثر من هدف وسبب ومن بينها التحقيق في تفجير مرفأ بيروت، وقضايا مختلفة في أكثر من مؤسسة وادارة وقطاع لا مجال لذكرها جميعها.
وبناءً على ما تقدّم، تعتقد المراجع السياسية والديبلوماسية، انّ الوضع على ما هو عليه لن يدوم طويلا وقد تتجّه الامور في وقت قريب نحو ما هو أصعب بكثير، وخصوصاً ان بقيت المناكفات على ما هي عليه. فالعالم منشغل بقضايا دولية وإقليمية تتجاوز خطورتها وأهميتها ما يعانيه اللبنانيون في الداخل. حتى انّ المبادرة الفرنسية التي حظيت بغطاء عربي وخليجي وبضوء اخضر اميركي وروسي باتت على الرف، وانّ عودة الخليجيين إلى بيروت انحصرت بمجموعة من المبادرات الصغيرة الاجتماعية والإنسانية، للتخفيف من آلام فئات محدّدة من المجتمع اللبناني، ولم يلامسوا بعد الملفات السياسية، في مرحلة اقتربت فيها البلاد من استحقاق انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية، وسط حديث لم يعد سرياً عن احتمال تأجيل هذا الاستحقاق إلى ما بعد نهاية الولاية الحالية ولو بأيام، في ترجمة واضحة لما بلغته الكيدية السياسية بين اهل الحكم والحكومة، إلى درجة استنفر فيها الجميع لمجرد ان ألقى وزير الخارجية عبد الله بو حبيب ضوءاً على أحد اسباب ما يعوق عودة النازحين السوريين إلى بلادهم.