أي رئيس لأي جمهورية؟

12 أغسطس 2022آخر تحديث :
أي رئيس لأي جمهورية؟


قبل أن نفتش بـ”السراج والفتيلة”عن رئيس جديد للجمهورية كان حري بنا أن نبني جمهورية بدلًا من تهديم ما تبقّى منها. فلو كان عندنا جمهورية قائمة بحدّ ذاتها، وفيها مؤسسات متكاملة فيها الأدوار الإنمائية والخدماتية، لمّا كنا في حاجة إلى كل هذا الجهد لإسقاط ما يخطر على بالنا من مواصفات ومن أوصاف تتلاءم مع شخصية فلان ومزاج علتان. بل كنا ذهبنا إلى البحث عن البرامج وليس عن أشخاص، عن برامج تحاكي تطلعات الشباب، الذين أصبح أكثر من نصفهم تقريبًا خارج الوطن، يفتّشون عن فرص عمل لم يجدوها داخل الحدود، بعدما أصبح الغرباء يسابقونهم على لقمة العيش. 

ماذا يفيد اللبنانيين لو إنتخب لهم ممثلوهم أهمّ إقتصادي ليكون رئيسًا لبلاد ليس فيها الحدّ الأدنى من مقومات الإقتصاد العادي والطبيعي كما هي الحال في أي بلد في العالم. وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنه لا يوجد بلد على الكرة الأرضية لا يخلو من مشاكل إقتصادية  حتى تلك التي تبدو ظاهريًا في أحسن أحوالها. ولكن لا يوجد مثيلًا للوضع القائم في لبنان، بإستثناء عدد قليل من الدول، التي يشبه المسؤولون فيها بعض المسؤولين عندنا. 
فلو كان لبنان كما كانت عليه أوضاعه قبل هذه السنوات الثلاث، وإن على “زغل”، لأمكن الإتيان برئيس عادي لإدارة الأزمة، وأقّله لمنع تفجّرها من الداخل تمامًا كما حصل بين ليلة وضحاها حين إنهار القطاع المصرفي من دون سابق إنذار. أمّا وقد وصلنا إلى ما وصلنا إليه من إهتراء فلم يعد بمقدورنا حتى التوافق بين “شمال” و”جنوب” (تعبير مجازي) على مواصفات رئيس المرحلة الآتية، وهي مرحلة تُقرأ من عناوينها العريضة. 
فلأهل”الشمال” رأي ونظرة إلى كيفية الخروج من الأزمة الراهنة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى أهل “الجنوب”، الذين ينظرون بمنظار مختلف عن أقرانهم في “المنطقة الشمالية”، الأمر الذي يعمّق الفجوة بينهم، ويزيد من رقعة الشرخ في الثوب السياسي اللبناني. وكل فريق من الأفرقاء المختلفين على قسمة “جبنة” لم تعد موجودة يغنّي على ليلاه. 
أعطونا قضاء مستّقلًا وغير مسيّس، بمعنى ألا يكون تابعًا لهذه الجهة السياسية أو تلك أو غير “مطيّفًا، نعطيكم رئيسًا يشبه الياس سركيس، على أن ينهي عهده كما أنهاه ذاك الرئيس المميز بوطنيته ونزاهته وإستقامته وصدقيته، فكان عن حقّ وحقيق من الشعب وله. 
أعطونا مجلسًا نيابيًا غير منقسم على نفسه، وغير مشتّت الأهواء والإنتماءات، وإن كان في التنّوع غنىً، نعطيكم رئيسًا يحترم قسمه على الدستور، ويحلف بالله العظيم  أنه “يحترم دستور الامة اللبنانية وقوانينها ويحفظ استقلال الوطن اللبناني وسلامة اراضيه”. ولو كان المشرّع الذي وضع نصّ هذا الحلف لا يزال حيًّا حتى أيامنا هذه لكان أضاف عليه التالي: “أن أصون وحدة الشعب والأرض والمؤسسات، وأن أحافظ على كرامة الناس في عيشهم الكريم، وأن أعمل على أن ينأى لبنان بنفسه عن صراعات الآخرين، وألا يكون طرفًا ضد طرف آخر في المنطقة، وألا ينحاز إلا لما يعزّز النمو الإقتصادي، وأن أبذل كل جهد لترسيخ المواطنة الحقيقية في النفوس قبل النصوص”. 
عن أي رئيس نفتش في الوقت الذي لم يعد عندنا جمهورية؟  

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.