لقاء المعارضة التنسيقي.. لماذا استُثني نواب “القوات” و”الاشتراكي” منه؟

12 أغسطس 2022آخر تحديث :
لقاء المعارضة التنسيقي.. لماذا استُثني نواب “القوات” و”الاشتراكي” منه؟


منذ انتهاء الانتخابات النيابية الأخيرة، تتلاحق الدعوات لـ”توحيد” قوى المعارضة، أو ربما “المعارضات” التي انبثقت عنها، خصوصًا بعدما تسبّب “تشتّتها” بعجزها وإخفاقها، وهو ما تجلّى بوضوح شديد في تقدّم “قوى السلطة” في معظم الاستحقاقات التي شهدتها البلاد، رغم كلّ ما قيل عن “هزيمة نكراء” منيت بها مع حلفائها في الانتخابات، وانتقلت بموجبها الأكثرية من ضفة إلى أخرى، على النقيض منها.

 
وما ليس خافيًا على أحد أنّ “القوات اللبنانية” و”الحزب التقدمي الاشتراكي” يتصدّران القوى الداعية لمثل هذه “الوحدة” منذ انتهاء الانتخابات، فلا يكاد يمرّ يوم إلا ويُرصَد خلاله تصريح لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع مثلاً يدعو إلى تفعيل قنوات التواصل بين قوى المعارضة، في دعوة سبق أن أطلقها رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط الذي طلب من قوى المعارضة “أخذ العِبَر” من تجربة انتخاب نائب رئيس البرلمان.
 
لكنّ المفارقة، أو لعلّها المفاجأة، التي رُصِدت هذا الأسبوع، تمثّلت في “استثناء” هذين الحزبين بالتحديد عن أول لقاء من نوعه لقوى المعارضة، جمع نوابًا مستقلين وسياديين وتغييرين، وهو ما طرح الكثير من علامات الاستفهام عن أسباب هذا “التغييب”، وجدوى اللقاء من دون الكتلتين، ولكن قبل هذا وذاك، كيف ينظر الحزبان المعنيّان إلى هذا الأمر، خصوصًا أنّ هناك من قرأ في “الاستقطاب” المستجدّ رسائل موجّهة لهما بالدرجة الأولى.
 “مجرّد بداية” 
صحيح أنّ “تغييب” نواب “الاشتراكي” و”القوات” عن اللقاء النيابي التنسيقي كان واضحًا، حيث لم يتلقوا أيّ دعوات للمشاركة فيه، بعكس كتل أخرى إما شاركت أو قاطعت أو اعتذرت عن المشاركة بسبب ارتباطات مسبقة، لكنّ “منظّمي” اللقاء، إن جاز التعبير، أو بالحدّ الأدنى المتحمّسين له، ينفون وجود أيّ “نوايا مسبقة” بالتهميش أو الاستثناء، أو حتى الاستبعاد، خصوصًا أنّ المطلوب توسيع تدريجي لإطار هذا اللقاء.
 
ويوضح هؤلاء أنّ الاجتماع الذي عقد هذا الأسبوع “تأسيسي” ليس إلا، وهو مجرّد “نواة” لجبهة معارضة قد تبصر وقد لا تبصر النور، وبالتالي من الظلم الحكم عليها من الآن، ويشيرون إلى أنّه من البديهي أن تدعى جميع القوى المعارضة إليه مع الوقت في حال كانت الرغبة حقيقية بإحداث فرق حقيقي والتأثير على مجرى الأحداث، ولكن بعد بلورة المشروع الذي ينبغي أن ينطلق منه، وهو ما يتطلب بعض “التريّث” في المقاربة.
 
لكن ما لا يقوله هؤلاء يقوله بعض المتابعين ممّن يعتقدون أنّه “من غير الوارد” جمع نواب “القوات” و”الاشتراكي”، في هذا التوقيت، على الطاولة نفسها مع نواب “التغيير” مثلاً، من دون “أجندة واضحة” تبرّر مثل هذا اللقاء، خصوصًا أنّ شعار “كلن يعني كلن” الذي يرفعه “التغييريون” يشمل قوى المعارضة التقليدية، التي لطالما كانت جزءًا من الحكومات المتعاقبة، وبعضها بقي محسوبًا على السلطة حتى ما قبل الانتخابات الأخيرة، وربما بعدها أيضًا.
 “الوحدة المطلوبة” 
بهذا المنطق، يمكن أن يُفهَم “تغييب” نواب “القوات” و”الاشتراكي”، ولو أنّ نواب “التغيير” الذين يُعتقَد أنّهم سيمانعون الجلوس معهم على الطاولة وحدها، قاطعوا الاجتماع “من دون جميلتهم”، معتبرين أنّ المطلوب أن يكون هناك “أجندة واضحة” لأيّ لقاء من هذا النوع تبرّر انعقاده، إلا أنّه يطرح سؤالاً آخر عن “الدافع” خلف “تمييز” قوى أخرى كانت حاضرة، مثل نواب “الكتائب”، أو حتى نعمة افرام وميشال معوض وأشرف ريفي، حيث يسأل بعض المتوجّسين: هل أصبح هؤلاء يمثلون المعارضة؟
 
رغم ذلك، لا يبدي الحزبان المعنيّان أيّ “تحفّظ” على انعقاد اللقاء، حيث يعتبر المحسوبون على “الحزب التقدمي الاشتراكي” مثلاً أنّه من السابق لأوانه الحكم على الاجتماع، طالما أنّه وُصِف بـ”التنسيقي” ولم ينبثق عنه شيء بعد، مذكّرين بأنّ الحزب أبدوا انفتاحهم على أيّ لقاءات مع الكتل والقوى التي يتشارك معها الأفكار والقناعات نفسها، ولو أنّ هناك من يتّهم “الاشتراكيين” بتغيير “تموضعهم” في الآونة الأخيرة.
 
أما حزب “القوات اللبنانية” الذي غُيّب عن اللقاء، رغم أنّ صوت رئيسه “بُحّ” وهو يطالب بـ”وحدة المعارضة”، فتقول أوساطه إنّ “العِبَر في الخواتيم”، وإنّ المطلوب هو التوصل إلى “وحدة حقيقية” تجمع كل نواب المعارضة، وإلا يصبح أيّ لقاء من النوع الذي عقد الإثنين “مجرد استعراض” لا يقدّم ولا يؤخّر، بل “لزوم ما لا يلزم”، إن جاز التعبير، وتؤكد الأوساط أنّ “القوات” لن تتأخر في “تسهيل” أيّ تقارب بين قوى المعارضة، أيًا كان شكله.
 قد لا يعني اللقاء “التنسيقي” الذي عقد هذا الأسبوع الكثير، فبمعزل عن “استثناء” بعض القوى المعارضة عنه، ولو أنها لم تُبدِ “تذمّرها” بوضوح، ثمّة مفارقة أكثر إثارة للانتباه تمخّض عنها، حيث زاد “الشرخ” بين المعارضين أنفسهم، فقوى “التغيير” مثلاً انقسمت على نفسها، بين مشاركين متحمّسين، ومقاطعين لم يتردّدوا في انتقاد اللقاء صراحة أو ضمنًا، ما يُبعِد أكثر وأكثر فكرة “توحيد المعارضة” عن الواقع!

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.