ساعة ودّ في كليمنصو، جمعت المتخاصمين وبددت هواجس البيك، وفتحت الطريق أمام الاستحقاق الرئاسي.
فاللقاء الذي عُقد بين رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط والمعاون السياسي للسيد حسن نصر الله الحاج حسين الخليل، في حضور مسؤول الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا والوزيرين السابقين غازي العريضي ووائل أبو فاعور، تخطى العناوين التي وضعها جنبلاط على جدول الأعمال. لم يطرح أي من ملف الكهرباء ولا الصندوق السيادي لإدارة الثروات النفطية، إنما تركز اهتمامه على استحقاقين أساسيين: الانتخابات الرئاسية والترسيم البحري ربطاً بالمسيرات.
لم تكن القطيعة تحكم العلاقة بين “حزب الله” و”الاشتراكي” بحيث كان التواصل دائماً على خط صفا – العريضي، وربط النزاع كان مضموناً حتى لو علت السقوف الخطابية لدواع انتخابية.
في الشكل، جلسة المصارحة وبحث الملفات الشائكة، انحصرت بين ثنائية جنبلاط والخليل، ولم تسجل ثلاثية صفا والعريضي وأبو فاعور أي مداخلة. ورد الخليل على أسئلة جنبلاط كلها، مكرراً مواقف السيد نصر الله، وحاول تبديد هواجسه وطمأنته باستكمال التنسيق والانفتاح على الحوار. لا بل قال المعاون السياسي إن لا مانع لدى “حزب الله” من إبقاء الاجتماعات مع “الاشتراكي” مستمرة وقائمة للتنسيق في الاستحقاقات كافة، معتبراً أنه من غير الطبيعي عدم التلاقي.
استهل جنبلاط اللقاء بطرح الاستحقاق الرئاسي، من دون الدخول في الأسماء ولا المواصفات، إنما من باب عدم اختيار أي مرشح إستفزازي لأي فريق من الفرقاء، رئيسٌ يجمع ولا يفرّق، وخصوصاً أن البلاد تعيش الانهيار ويجب تخفيف الاحتقان السياسي والاكثار من اللقاءات والمشاورات والتركيز على المسار الاصلاحي للحفاظ على ما تبقى من مقدرات ومعالم مؤسساتية رسمية. فلاقاه الخليل بإيجابية مماثلة وبانفتاح على الحوار، سعياً الى الاتفاق على شخصية تعتبر بمثابة نقطة التقاء بين اللبنانيين، لأن لا مصلحة لأحد بالفراغ ومن الضرورة الملحة أن تُجرى الانتخابات الرئاسية في موعدها، والسعي الى عدم تخطي المهل الدستورية.
واعتبرت مصادر مطلعة في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن جنبلاط لا يعتبر رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية شخصية استفزازية، إنما قصد من كلامه استبعاد كل من رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، أما البحث في الاستحقاق الرئاسي فسيُستكمل مع بقية الأطراف الأساسية، وعلى رأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي قصده ظهر أمس الوزير العريضي ووضعه في تفاصيل لقاء كليمنصو.
ولكن عند جنبلاط هواجس على الثنائي الشيعي أن يفككها، وتحديداً عدم الرضوخ بعد اليوم لابتزازات باسيل، الذي أوصل البلاد الى التشتت وتجاوز التوازنات.
أما الحيز الأكبر من النقاش فأخذه موضوع المسيرات، فسأل جنبلاط الخليل: هل إن المسيرات ايرانية أم لبنانية؟ أجابه الخليل: ان هذه المسيرات لبنانية بحتة، وهدفها الوحيد تعزيز موقع لبنان التفاوضي بشأن الترسيم البحري. والأكيد أنها غير مرتبطة لا بغزة ولا بإيران، ولا يريد الحزب أن يخوض حرباً بالوكالة عن آخرين أو لتقوية مفاوضاتهم الاقليمية. ورأى المعاون السياسي أن المسيرات هي عامل قوة للبنان وليس ضعفاً، ويجب على الجميع الافادة منه حتى تحقيق المطالب اللبنانية.
وعن إمكان نشوب حرب مع اسرائيل، كرر الخليل كلام السيد نصر الله عن الموت بشرف بدل الموت ذلاً. فملف النفط والغاز يعدّ بارقة أمل للبنانيين للخروج من أزماتهم الاقتصادية والمعيشية، ولن يباركوا للعدو الاسرائيلي بنفطه قبل أن يبدأ لبنان باستخراج ثرواته. وستبقى الحرب آخر الحلول… لا يستسيغها “حزب الله” إنما جاهز لخوضها دفاعاً عن ثروات اللبنانيين أجمعين.