التغييريون… “بيضة قبان” مع وقف التنفيذ

14 أغسطس 2022

لسنوات طويلة، لقب الحزب التقدمي الاشتراكي ومن خلفة رئيسه وليد جنبلاط بـ “بيضة القبان” نظرا للدور اللافت والمتميّز الذي يستطيع القيام به في ظل التوازنات السياسية والطائفية والنيابية السائدة في البلاد.

ولوهلة أولى وقبل الحراك الأخير الذي قاده جنبلاط باتجاه “حزب الله” ، اعتقد البعض انه من الممكن سحب اللقب من “التقدمي الاشتراكي” ومنحه للنواب التغييريين باعتبارهم تكتلا نيابيا وازنا قادرا ان يلعب دور الميزان في مجلس نيابي تشكله مجموعة كتل كبيرة ووزازنة وفاعلة وأخرى صغيرة يكتب لها ان تلعب أدوارا مميزة في بعض المحطات الجوهرية والاساسية.
لكن النواب الـ13، الذين كان من المتوقع ان يشكلوا حالة تغييرية داخل المجلس النيابي تنسحب مفاعيلها على مختلف المواعيد والمؤسسات الدستورية، كما مختلف الأمور المرتبطة بحياة المواطن وحقوقه وأولوايته، وضعوا أنفسهم في دوامة من الانقسامات اوعدم التوافق في أفضل الحالات، ما ادى تلقائيا الى تجميد اي دور فاعل وايجابي كان من الممكن ان يؤدوه بما يتناسب مع توجهاتهم وافكارهم.
وبالحديث عن توجهات وافكار النواب الـ13، تبدو الاشكالية ظاهرة وأكيدة ومتمثلة في ان لكل نائب منهم او لكل مجموعة صغيرة منهم مجموعة افكار مختلفة وخاصة، وفي هذا المجال يرى البعض ان تنوعهم هو غنى لتكتلهم وحيزا مهما لامكانية تحركهم بطريقة حرة وديمقراطية، في حين يرى البعض الآخر ان هذا التنوع ضمن المجموعة الواحدة سيؤدي الى فرملة عملها وضياعها وهذا ما تم ملاحظته حتى اليوم.
وفي هذا السياق يقول مصدر مطلع لـ”لبنان 24″ ان ” حال النواب الجدد شبيهة الى حد كبير بحال (ثورة 17 تشرين)، فالثورة التي لم تتمكن من خلق نواة واضحة المعالم لها، انتجت ان صح القول طبقة نيابية غير قادرة على العمل كفريق عمل لايجاد مخططات مشتركة وهادفة، مع العلم انه مع تقدم الوقت ومع مرور الأشهر، قد تتمكن هذ القوى من خلق منصة واحدة تطلق مواقفها من المواضيع والاستحقاقات الاساسية عبرها.
وللحقيقة، يمكن ان تكون الخطيئة الأولى لحراك (17 تشرين) هو عدم تمكنه من ايجاد اطار له، وذلك كخطوة اساسية تجعله مواكبا لنمط الدخول في الحياة العامة المعتمد عالميا منذ اكثر من 100 سنة، فالديمقراطية العالمية أخذت طابعا تمثيليا واستغنت بشكل تام عن المجالس الشعبية العامة وهذا ما لم تتمكن (انتفاضة تشرين) من الوصول اليه”.
ويضيف المرجع عينه “في تماه تام مع (ثورة 17 تشرين)، تبدو الأفكار العلمانية والشيوعية وبعض النقاط الاقتصادية والأمنية محط خلاف واضح في صفوف النواب التغييرين الذين قد يكون خلاصهم وخلاص حراكهم هو في الاتجاه نحو التمسك بما هو مشترك والبناء عليه.
لكن هذه الخطوة ومع الأسف تبدو بعيدة التحقيق وغير ملموسة أقله خلال الفترة المنظورة، فالمعلومات التي ترشح عن الاجتماعات التي يعقدها التغييريون، تشير الى ان الكلام يكون لأصحاب الاصوات المرتفعة من بينهم ولمجدي صياغة الحديث بسلاسة وتقنية متقدمة، وتبدو مناقشة الأفكار الأساسية والجوهرية خلال اللقاءات مادة مؤجلة الى مرحلة مقبلة قد تكون بعيدة او قريبة.
ووفقا للمعلومات، فان خلوة التغييريين التي كان من المفترض ان تبصر النور قبل أيلول المقبل للبحث بشكل أساسي في الاستحقاق الرئاسي وبمواصفات الرئيس او شخصه الكريم تم تأجيلها الى اجل غير مسمى”.
ويرى المرجع ان ” بعض الاحزاب التقليدية والشخصيات النيابية التي حاولت ركوب موجة (17 تشرين) وساهمت في تفريق صفوفها تؤدي المهمة نفسها اليوم في صفوف نواب من المفترض ان لديهم الوعي والخبرة الكافية لمواجهة اي عملية من هذا النوع”.
ويختم المرجع معتبرا ان ” تسليط الضوء على النواب التغييريين يأتي من باب الآمال التي رافقت وصولهم الى المجلس النيابي، فعلى الرغم من ان الاداء الذي طبع مسيرتهم حتى اليوم يبدو غير مرضيّ وبشهادة منهم، الا ان امكانية مراجعة الحساب ممكنة وضرورية في الان معا”.