باتت كل مشاكل لبنان على الطاولة دفعة واحدة فيما الاستعصاء سمة مشتركة بين الملفات المتشابكة ، فالخلاف على تشكيل الحكومة لا يقل ضررا عن مؤشرات الفراغ الحكومي ، وبينهما أزمة معيشية غير مسبوقة وتدهور إقتصادي منقطع النظير.
رغم هذا الكم من الهموم، بحاول فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حصر الاهتمام بالحديث عن خلافة عهد عون،وهو امر مستهجن وبعيد عن الاعراف الدستورية، حيث لا يمكن لمطلق فريق سياسي ان يعمد إلى حصر السلطة والحكم بنفسه على هدا النحو، كما لا يجوز أن “يغسل”التيار الوطني الحر يديه من كل “موبقات السلطة” الحاكمة كما حاول النائب جبران باسيل ان يفعل على درج الديمان .وضع لبنان أضحى بالغ التعقيد، ومحاولة التسطيح في التوصيف لأخذ الاهتمام نحو الاستحقاق الرئاسي بعد الفشل في تشكيل الحكومة هي محاولة مكشوفة للتهرب من المسؤولية، فالمجاعة باتت تدق أبواب اللبنانيين حيث أن معظم العائلات تجد صعوبة في تأمين قوت يومها، واللجوء إلى سياسة التدبير باتت لا تفيد أمام دولرة كل الخدمات و السلع.
عند هذا الحد، استشعر الزعيم الدرزي وليد جنبلاط اخطار محدقة فسارع إلى الانفتاح على حزب الله، ما أعاد خلط الأوراق على أبواب انتخابات رئاسة الجمهورية ، في حين تشير أوساط الحزب التقدمي الاشتراكي الى ان تحرك جنبلاط ابعد من التموضع السياسي و أعمق من ذلك بكثير.رغم ضبابية المشهد ، فإن ملامح الفوضى والتفكك باتت تظهر على هيكل الدولة المركزية، ما يضرب الاستقرار بل يهدد اسس الكيان اللبناني، والاقليات اكثر من يستشعر بالخطر ويحيد عن “درب الفيلة” كونها تخشى على مصيرها عند اندلاع النزاعات، ولبنان لا يملك مناعة الاستقرار وهو عرضة دائما للاهتزاز رغم نظرية انه يهتز ولا يقع.لذلك، تعرب اكثر من جهة محلية وخارجية عن خشيتها من هبوب رياح ساخنة في نهاية عهد الرئيس عون ، خصوصا وأن حدة الازمات تشي بالانقجار من دون القدرة على السيطرة، من هنا تسعى جهات خارجية إلى تبريد الوضع عبر تمرير الانتخابات الرئاسية والعمل على اختيار رئيس جمهورية توافقي ، رغم أصوات الاحتجاج والمطالبة برئيس ينتشل لبنان من الازمة بدل ان يدير الازمة، لكنها محاولات محفوفة بالفشل على غرار تجارب لبنانية سابقة اغربها على الإطلاق خيار أميركا العام 1988 “مخايل الضاهر او الفوضى” فكان الاختيار الفوضى بل جولات عنف مجنونة.