لم يكد رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي يبلغ الوزراء خلال لقائه التشاوري بهم بالامس انه سيزور رئيس الجمهورية اليوم، حتى جاء الجواب من “التيار الوطني الحر” بمثابة بيان تصعيدي يوحي بأن الايجابية التي اظهرها ميقاتي لن تقابل الا بهجوم سياسي علني قد يزيد من حدة الشرخ بين الرئاستين، وينهي اي فرصة لتشكيل الحكومة.
بعد مرحلة التوتر حاول ميقاتي احداث دفع ايجابي لاعادة قطار تشكيل الحكومة الى سكته الصحيحة في ظل تكاثر الملفات والتحديات ذات الطابع الاقتصادي والمعيشي من جهة والوطني من جهة اخرى، فأعلن انه سيزور قصر بعبدا اليوم.
ردة الفعل العونية على خطوة ميقاتي، بعيدا عن فهمها الدقيق، توحي بأن “التيار” لا يرغب بفتح اي باب لرئيس الحكومة لكي يقدّم عروضاً حكومية لا يمكن رفضها، اي ان “التيار” يحاول ألا يُحرَج سياسيا ويصبح مضطرا لكي يوافق على تشكيل حكومة جديدة يحظى فيها بحصة مقبولة لتحل مكان الحكومة الحالية وتمارس الحكم خلال مرحلة الفراغ الرئاسي.
بحسب مصادر مطلعة فان” التيار” مرتاح الى الواقع الحالي وتحديدا الى التوازنات السياسية داخل الحكومة الحالية ولا يرغب بالمخاطرة بتشكيل حكومة جديدة لن يحظى فيها بنفوذ مماثل لنفوذه الحالي، وعليه فإن الخلاف مع رئيس الحكومة يناسب الحالة السياسية العونية في الوقت الحاضر”.
وترى المصادر أن”التيار” يعمل منذ الانتخابات النيابية الاخيرة على اختيار عدو جديد يشدّ من خلاله العصب الشعبي ويخفف من حدة التراجع الحاصل داخل البيئة المسيحية، ويعيد احياء الحالة العونية بخطابها السياسي القديم المعارض للمنظومة السياسية وذلك بالتوازي مع انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون”.
وتعتبر المصادر” ان تشكيل الحكومة في هذه اللحظة السياسية بالذات ستعني ضياع مساعي “التيار” للذهاب نحو مؤتمر تأسيسي، وهذا المؤتمر الذي يشكل الحلم السياسي للحالة العونية لا يمكن ان يحصل من دون الفراغ الكامل ووصول التحلل في بنية الدولة الى مستويات كبرى ما يخدم الحلول الجذرية والتعديلات الدستورية”.
يهرب “التيار” من تسوية حكومية لا تعطيه قدرة هائلة على ملء فراغ غياب الرئيس عون عن بعبدا وهذا ما لا يمكن للقوى السياسية الحليفة له او التي تخاصمه القبول به، فهل يحسم “التيار” من خلال السلبية المطلقة التي سيقابل بها ميقاتي مسألة تشكيل الحكومة، لتصبح حكومة تصريف الاعمال قدرا لا يمكن الهروب منه؟