العهد يجمرك البلد عالغالي… وسلة هوكشتاين فاضية

19 أغسطس 2022
العهد يجمرك البلد عالغالي… وسلة هوكشتاين فاضية

غريب عجيب أمر هذه السلطة، والأغرب والأعجب ما يصرح به المسؤولون من وزراء ونواب، وما يفعلونه بحق الشعب، وكأنهم يأتون من كوكب آخر أو من عصر جليدي أو جهنمي، والأنكى أنهم يدرون ماذا يفعلون ولا يستحقون حتى الدعاء بالغفران.

ولو أسقطنا من حساباتنا كل الأكاذيب والهفوات والاخفاقات السابقة، وسلطنا الضوء على أحاديث بعض الوزراء البرتقاليين أمس، لفهمنا جيداً سبب وصولنا الى أسفل المهوار بسرعة صاروخية.

فأحدهم الذي بشّر الناس سابقاً بأن سعر ربطة الخبز سيتعدى الثلاثين ألفاً، زفّ اليهم خبراً آخر مفاده أنه سيعتمد سعر الـ20 ألفاً للدولار الجمركي، وطمأنهم الى أن تداعيات هذا السعر ستكون ضئيلة جداً جداً جداً، وأن المواد الغذائية التي ستخضع للدولار الجمركي هي تلك التي لها مواد رديفة موجودة في لبنان، وحذّر تجار الأزمات من “خلط الحابل بالنابل” عبر إقران أسعار السلع القديمة بتلك الجديدة الخاضعة للدولار الجمركي.

لقد قالها “بعضمة لسانه” ان التجار سيخلطون الحابل بالنابل، وسيستغلون الدولار الجمركي لرفع الأسعار عشوائياً بلا حسيب أو رقيب، وما يجري على هذا الصعيد منذ بداية الأزمة خير دليل بحيث امتص التجار دماء الناس في دوائهم وأكلهم وشربهم ولبسهم واحتياجاتهم، ولم يتخذ معالي الوزير أي اجراء ضد أي فاسد أو محتكر ليكون عبرة لغيره، فينطبق عليه المثل القائل “الساكت عن الحق شيطان أخرس”.

ثم لا بد من توجيه سؤال بديهي: هل تعلم يا معالي الوزير أن الكثير من السلع الرديفة أو تلك المصنعة في لبنان أصبحت أسعارها قريبة جداً جداً جداً من المواد المستوردة بمواصفات ومحتويات لا تخضع للرقابة التي هي من ضمن مسؤوليتك؟ ومن سيضمن التزام التجار بالأسعار المحددة بعدما اختبر اللبنانيون كل أنواع جشعهم وطمعهم في ظل غياب أي مراقبة؟

وبعد، فإن وزير الطاقة ووزير كل الطاقات، تحدث من دون أن يرف له جفن بعد لقائه وفداً من البنك الدولي، قائلاً: “التعاون مع البنك الدولي بدأ منذ فترة طويلة جداً، وكان الاهتمام في المرحلة الأولى واضحاً جداً، ولكننا شعرنا منذ نحو ثلاثة أشهر ببرودة من ناحيته في التعاطي مع هذا الملف.

وعرضت لهم ما نقوم به لجهة زيادة تعرفة الكهرباء فور التزود بالتغذية الاضافية والاجراءات لإنشاء الهيئة الناظمة”. وهنا نقول، لا عجب يا معالي الوزير أن يهرب ويطفش كل من تعامل ويتعامل مع المنظومة بعد أن شمتت بها كل دول العالم، وما التصنيفات الأممية حول فسادها سوى غيض من فيض.

وهل يجوز بعد اليوم أن تتحدث عن برودة في التعاطي مع مؤسسة دولية خيّبتم آمالها مرات ومرات؟ ثم عن أي كهرباء تتحدثون وعن أي تعرفة، والكهرباء غائبة كلياً والبلد غارق في عتمة حالكة؟ غمرتم اللبنانيين بالوعود، واليوم تغدقون بها المجتمع الدولي، لكن للأسف فإن الطرفين يرفعان في وجهكم لافتة كتب عليها بالخط الأسود العريض: لا ثقة.

الرئاسة الأولى نتيجة تقاطع داخلي وخارجي

وفي سياق الاستحقاق الرئاسي، لا يختلف اثنان على أن الضياع الكامل يسود هذا الملف بحيث أن مختلف القوى السياسية لا تزال في مرحلة التخبط والتشاور والنقاش من دون الوصول الى نتيجة، بحيث يعتبر البعض أن المعارك الداخلية في هذا الاطار وهمية، وهوائية لتضييع الوقت لأن الانتخابات الرئاسية لن تحصل، ولن ينتخب رئيس جديد للجمهورية كما لن تجد مختلف الملفات العالقة طريقها الى الحل الا بعد التسوية الكبرى في المنطقة، والتعامل معها ضمن سلة واحدة.

ولفت أحد المحللين السياسيين الى أن لبنان ليس في موقع القرار انما يتأثر بالقرارات التي تتخذ في المنطقة. اليوم هناك تداخل بين الوضعين الاقليمي والدولي حتى أن الأمور تسير على المستوى الدولي أكثر مما هي اقليمياً بمعنى أنه في السابق كانت الدول الاقليمية أكثر تأثيراً خصوصاً في الاستحقاق الرئاسي.

أما اليوم، فاللعبة تبدلت، والتسوية أصبحت ذات طابع دولي مع العلم أن الدور الفرنسي له تأثير كبير في موضوع الاستحقاق الرئاسي بحيث هناك نوع من تفويض أميركي للفرنسي واعطائه هامشاً من الحركة على الساحة اللبنانية.

طبعاً رئيس الجمهورية في لبنان سيكون نتيجة التسوية، لكن متى؟ خلال أيام أو اسابيع تتحدد خطوطها العريضة؟ لا شيء واضح حتى الآن، مع العلم أن أول جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية تظهر إن كانت التسوية قد نضجت أو لم تنضج، بمعنى أنه اذا اكتمل النصاب في جلسة الانتخاب، وكانت هناك حماسة من الكتل النيابية، يعني أن هناك ضوءاً أخضر خارجياً لتسريع انتخاب الرئيس. أما اذا سادت الأجواء التعطيلية، فيعني أن هناك مؤشرات سلبية.

التسوية تتضمن التفاهم الأميركي – الايراني الذي هو الأساس والمحور وتدور حوله جملة تفاهمات ومنها التفاهم السعودي – الايراني الذي له تأثير كبير ومباشر على الوضع اللبناني والعلاقات العربية مع سوريا، وعلاقة الأحزاب الداخلية الفاعلة مع الدول الكبرى مثل علاقة “حزب الله” مع فرنسا.

وليس مستبعداً أن يكون الرئيس المقبل ثمرة توافق فرنسي مع “حزب الله”.

مع التأكيد أن التفاهمات والاتفاقات في المنطقة ستكون على القطعة، ولن تأتي في سلة متكاملة لأن هناك استحالة في التفاهم على كل الملفات خصوصاً في ما يتعلق بالتطبيع وسلاح الحزب. كما أن الوضع الاقتصادي والمصارف واعادة الهيكلة، وخطة التعافي، كلها ملفات جامدة، وبعد انتخاب الرئيس ربما يبدأ الحديث فيها.

وفي هذا الاطار، أكد عدد من السياسيين أن الأزمات التي نعاني منها فيها تشابك بين عناصر داخلية وعوامل خارجية، لكن يجب أن نعترف بأن جزءاً من التراكمات ناتج عن سياسات اجتماعية واقتصادية خاطئة أوصلتنا الى ما نحن عليه اليوم. وبالتالي، لا يجوز الاستمرار في الانتظار على حافة التسويات والتدخلات لأن المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على اللبنانيين أنفسهم في انقاذ بلادهم اذا صفت النوايا.

حكومة خلال 72 ساعة أو اصطدام بالحائط الباسيلي

على صعيد آخر، وبعد القطيعة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي أو بعد مرور 47 يوماً على آخر زيارة بينهما، عادت مياه التأليف الى مجاريها بعدما اعتبر هذا الملف صفحة وطويت الى غير رجعة خلال العهد الحالي.

وبغض النظر عن التحليلات التي تتحدث عن ضغوط على الطرفين، وعن اعتبار تحريك المياه الراكدة سببه اقتناع الجميع بأن لا رئيس جمهورية جديداً خلال المهلة الدستورية، وبالتالي، لا بد من حكومة كاملة المواصفات لتنتقل اليها صلاحيات رئيس الجمهورية، أشارت أوساط مقربة من الرئيس ميقاتي في حديث لموقع “لبنان الكبير” الى أنه “يمكن القول ان الأجواء إيجابية، وذلك لأنه لم يحصل أي تسريب من قصر بعبدا، عما دار من كلام بين الرئيسين عون وميقاتي، وهذه الأجواء، إما تترجم، وتشكل حكومة خلال 72 ساعة، أو تصطدم بالحائط الباسيلي، وعندها ستبقى حكومة تصريف أعمال”، مؤكدة أن “ما قام به الرئيس ميقاتي من اجتماع لمجلس الوزراء المصغر، هو رسالة لمن يعنيهم الأمر أنه مستعد لتفعيل عمل حكومة تصريف الأعمال”.

وشددت المصادر على أن “الرئيس ميقاتي لم يناقش أي صيغة جديدة للحكومة، بل انه مصر على نقاش التشكيلة التي قدمها في 29 حزيران الماضي”.

هوكشتاين عائد بسلة فارغة

وعلى جبهة الترسيم الحدودي البحري بين لبنان واسرائيل، توقع مصدر أمني أشرف على محادثات سابقة للترسيم، أن يعود الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الى بيروت خلال الأيام المقبلة بـ “سلة فارغة”، مشيراً الى أن “أقصى ما سيقدمه للبنان هو موافقة اسرائيلية على 860 كيلومتراً مربعاً للبنان موثقة بطلب لبناني الى الأمم المتحدة مع اعطاء لبنان حقل قانا مقابل أن يضع العدو يده على البلوك رقم 8 .”

ولفت الى أن “العدو يجد صعوبة بالغة بالتسويق في الداخل لأي تنازل آخر للبنان”، مؤكداً أن “موقف لبنان التفاوضي قد ضعف جداً مع عدم ايداعه الوثائق والخرائط البحرية لدى الأمم المتحدة وأن الطريق باتت مسدودة”. وأعرب عن تشاؤمه “لما آلت اليه أوضاع الترسيم والتي قد تجر الى حرب يستعد لها المعنيون على طرفي الحدود”.

وفيما كان المعنيون، بعد زيارة الوسيط الأميركي الأخيرة، يتحدثون عن ايجابية مفرطة في ملف الترسيم، وأن التوقيع لم يعد بعيد المنال، والوسيط عائد خلال فترة قصيرة جداً، عادت الأجواء ضبابية لا بل سلبية حتى أن المعلومات تشير الى أن اسرائيل ستؤجل استخراج الغاز من “كاريش” الى ما بعد الانتخابات الاسرائيلية، وأن حصول الاتفاق مع لبنان يشترط سحب “حزب الله” تهديده بقصف آبار الغاز.

المصدر لبنان الكبير