لم يتبدل المشهد الحكومي امس مع عدم توافر أي معطيات جديدة من شأنها ان تدفع القليل من الرهانات التي برزت في الأيام الأخيرة على امكان تحريك ملف تأليف حكومة جديدة، اذ لم يسجل أي تواصل جديد بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي على النحو الذي كان متوقعا.
وكتبت “النهار” : ان اوساطا على صلة بمناخات الاتصالات تحدثت عن عودة مجمل الأمور المتعلقة بتاليف الحكومة الى المربع الأول، أي مربع الجمود، بعدما بدا واضحا ان اللقاء الأخير بين عون وميقاتي لم يثمر استكمالا للبحث كما كان الرئيس المكلف قد اعلن الأربعاء من قصر بعبدا، بحيث لم تتكرر زيارة ميقاتي لبعبدا ولا رصد أي اتصال جديد لمعاودة اللقاء اقله حتى البارحة. وأفادت هذه الأوساط ان المعلومات القليلة المتسربة عن هذا الملف تشير الى ان ما طرحه ميقاتي من تعديل جزئي على التشكيلة التي كان قدمها الى عون في حزيران الماضي، لم يلق على ما يبدو موافقة عون الذي يرجح انه يتمسك بتوسيع التشكيلة بزيادة ستة وزراء دولة عليها. واياً يكن الامر، فان نهاية الأسبوع تختم على عودة التعقيدات المتصلة بعملية التأليف بما يعني ان الكباش بين بعبدا والسرايا لا يزال يطبع هذا الاستحقاق مع الاقتراب تباعا من بداية المهلة الدستورية لاستحقاق انتخاب رئيس الجمهورية الجديد.
وكتبت “نداء الوطن”: بينما رهان العهد وتياره كان وسيبقى على انتظام صفوف قوى 8 آذار تحت عباءة “حزب الله” لإعادة فرض المعادلات الرئاسية كما كان الحال قبل ست سنوات حين فرض “الحزب” إيصال مرشحه العماد عون إلى سدة الرئاسة الأولى بقوة الفراغ والتعطيل، لا يزال رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل يجهد ويجتهد في تعبيد أرضية “الفراغ الشامل” رئاسياً وحكومياً بانتظار أن يقطع الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الخيط الأبيض من الأسود في حسم مسألة تسمية مرشحه للرئاسة، خصوصاً وأنّ ملف الرئاسة لم يرتق بعد إلى مصاف أولويات نصرالله في ظل انشغاله بحسم خياراته المفتوحة راهناً بين “الحرب والسلم” مع إسرائيل في ملف الترسيم البحري جنوباً.
ووفق معلومات “البناء” لم تتقدم الجهود على خط تأليف الحكومة بعد زيارة ميقاتي الى بعبدا، الأمر الذي سيقلص حظوظ تأليف حكومة قبل حلول المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية في 1 أيلول المقبل، ما سيخلق إشكاليّة دستوريّة ستفجر أزمة سياسية في حال ذهبت البلاد الى فراغ مزدوج وانتقال صلاحيات رئيس الجمهورية الى حكومة تصريف أعمال.
وأوضح الخبير الدستوري والقانوني د. عادل يمين لـ”البناء” أن “ليس من حسم دستوري في المسألة، لأن المادة ٦٢ من الدستور تنص على تولي مجلس الوزراء صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة في حال خلو سدة الرئاسة لأي علة كانت، الأمر الذي أدّى إلى نشوء نظريتين:
الأولى تعتبر أن مجلس الوزراء نادراً ما ينعقد في ظل حكومة مستقيلة وأن المادة ٦٤ من الدستور توجب عليها الاكتفاء بتصريف الأعمال بالمعنى الضيق، فلا يعقل والحالة هذه ان تتوسع باتجاه ممارسة صلاحيات إضافية، والثانية تعتبر انه ما دام لا بديل، فيتولى مجلس الوزراء في الحكومة المستقيلة بالوكالة في حالة الشغور الرئاسي، لكن اذا تزامن الشغور الرئاسي ووجود حكومة مستقيلة، فذلك يعني أننا في أزمة نظام”.
وكتبت “اللواء”: بقيت عملية تأليف الحكومة تدور في حلقة مفرغة، فلا الرئيس المكلف عاود الذهاب الى بعبدا كما كان متفقا عليه او متوقعا، ولا يبدو ان فريق بعبدا بوارد التخلي عن النهج التعطيلي، الذي يعتمد النائب باسيل ايا كانت النتائج المدمرة، حتى لو تفاقم حجم الانهيار لدرجة تدمير بلد بكامله.وفي المعلومات انه لو بدا ان ثمة “ضوءا بسيطا” لذهب الرئيس ميقاتي الى بعبدا، وهو كان ينتظر امس الاول لعقد اجتماع ثان مع الرئيس عون لو حدثت حلحلة.وأشارت مصادر سياسية إلى أن مسار تشكيل الحكومة الجديدة، اصطدم بالشروط والمطالب المعروفة لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، صاحب القرار الفصل باي تشكيلة وزارية، بفعل التفويض المعطى له من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون. وقالت المصادر ان اعادة رئيس الجمهورية طرح توسيع التشكيلة الوزارية التي قدمها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، بضم ستة وزراء دولة يمثلون الطوائف الست الكبرى، انما هو طرح مفخخ ، وهدفه مكشوف لحشر توزير باسيل بالحكومة الجديدة ، وكان طرحه عون سابقا، ورفضه ميقاتي، ما يعني بالنهاية عدم وجود نوايا سليمة من قبل الرئاسة الاولى لتشكيل حكومة جديدة، تتولى القيام بمهمات رئيس الجمهورية، في حال لم تحصل الانتخابات الرئاسية بموعدها الدستوري، لاي سبب كان، بالرغم من كل الادعاءات والمواقف التي تصدر عن الفريق الرئاسي والعوني، بالحرص على تشكيل حكومة جديدة علانية، ولكن في الواقع تعطل كل المساعي والجهود المبذولة، اذا لم تلبِ التشكيلة الوزارية كل مطالب وشروط باسيل الخاصة.وكشفت المصادر ان اتصالات محدودة، تجري بعيدا من الاعلام، لتقريب وجهات النظر، الا انها لم تؤد حتى الساعة لأي نتائج ملموسة، تبشر بقرب ولادة الحكومة العتيدة، برغم ان ميقاتي، كان ابدى انفتاحه للتشاور المتواصل لتسهيل تشكيل الحكومة الجديدة بأسرع وقت ممكن، وتم التشاور في اجراء تعديل محدود على التشكيلة الوزارية التي قدمها لرئيس الجمهورية، ولم يكن متشددا، في رفض اي طرح بناء من قبل عون، حتى بالنسبة لاعادة توزير وزير الطاقة وليد فياض في الحكومة الجديدة، بالرغم من كل المآخذ السلبية عليه، وعجزه بادارة وزارته من كل النواحي، وذلك لاظهار نواياه الايجابية لتأليف الحكومة الجديدة، ولكن كل هذه الجهود المبذولة، ووجهت بالتعطيل والمطالب والشروط المعتادة لرئيس التيار الوطني الحر.
وقالت مصادر مطلعة على الحراك المستجد ل”الديار” ان “لا جديد حكوميا محسوما”، لافتة الى ان “الاتصالات مستمرة للتوافق على البديلين للوزيرين المقترح تبديلهما، كما ان هناك تشاورا لاسيما حول طبيعة التركيبة الحكومية والمهام المطلوبة منها”. واذ أكدت المصادر ان “التشاور مستمر بين الرئيسين، رجحت ان تتبلور الامور سلبا او ايجابا خلال اليومين المقبلين”.