يندرج ترسيم الحدود البحرية اللبنانية كأولوية اساسية على جدول الأعمال الإقليمي على عكس الاستحقاق الرئاسي صاحب الاهتمام الأول محليا، نظرا لتشعباته الاستراتيجية من ارهاصات الحرب الاوكرانية مرورا بالتجاذبات والصراعات في ارجاء العالم العربي.
انطلاقا من ذلك، تحاول القوى المحلية مواكبة مستجدات الخارج بمحاولات تحسين المكاسب قدر الإمكان استعدادا للصفقة الكبرى، ولا يخفى على احد بأن رئيس مجلس النواب نبيه بري تحدث أمام زائريه عن أهمية الاتفاق النووي ودوره الايجابي، في إشاعة مناخ إيجابي ينبغي الافادة منه لإخراج وضع لبنان من عنق الزجاجة.
هذا لا يعني افول الازمة وشروق شمس الحلول على لبنان، ذلك أن درب التعافي من الوضع الكارثي يستلزم حسب الخبراء خطة اقتصادية واضحة و10 سنوات على أقل تقدير، والمعوقات كثيرة أمام أنانية طبقة حاكمة لا تآبه لمصالح شعبها بقدر المحافظة على مكتسابتها في الحكم.
لذلك، ولاعتبارات كثيرة تعول الأطراف المحلية على تفاهم مرتقب بين الأميركيين و الايرانية من جهة ومسار مفاوضات الترسيم البحري من الناحية الأخرى، كمعبر طبيعي لتسوية شاملة قد تكون شبيهة بمؤتمر الدوحة الذي أفضى إلى انتخاب الرئيس ميشال سليمان.
هذا الأمر لن يتم على البارد، بمعنى مع أجواء الاحتقان الشعبي وفي ظل التصعيد السياسي ، ترجح حدوث اضطرابات أمنية محدودة على شكل احتكاكات، يصار الى ضبطها سريعا طالما لا مصلحة لمطلق طرف في لبنان بحصول فوضى شاملة، خصوصا ان استحضار الخارج والتدخل في الشؤون الداخلية عادة لبنانية اصيلة منذ نشوء الكيان السياسي وحتى اليوم.
لذلك، وعلى عتبة اسابيع من خروج الرئيس ميشال عون من قصر بعبدا رغم الضجيج المفتعل، تعمد قوى سياسية الى الرهان على دور متقدم تلعبه مصر على الخط السعودي – التركي كما على الخط التركي – الايراني ، في ظل متغيرات مرتقبة سترخي بظلالها وستنعكس على لبنان حكما ، لا بل هناك من يشير صراحة إلى تنشيط مصر قدراتها الديبلوماسية في السنوات الأخيرة كنوع من تفعيل دورها المحوري.
لعل التقاطع الأساسي الذي قد يستفيد منه لبنان ،يكمن في اتفاق مصر مع تركيا على امدادات الغاز عبر الجانب الشرقي لشرق المتوسط، وهو ما يقضي على خط قبرص نحو العمق الاوروبي،من هنا تجد بعض الاوساط حتمية وضع مصر تصورا لمبادرة إنقاذ في لبنان في المدى القريب ، طالما ان الأطراف الأخرى تجد بأن لبنان أضحى من دون جدوى ولا امل يرتجى من دور او وظيفة يلعبه الوطن الصغير في المستقبل.