جدد أمين عام حزب الله حسن نصرالله موقفه في شأن ترسيم الحدود. أكد التزامه بالمهلة التي وضعها للوصول إلى اتفاق. وركّز على الفصل بين مسار الاتفاق النووي بين إيران والغرب، وملف الترسيم. وهذا الموقف كان حزب الله قد أبلغه للمسؤولين كلهم، على قاعدة أنه لو وافق الإسرائيليون والأميركيون على المطالب اللبنانية، فإن الاتفاق يمكن أن يوقع من دون الوصول إلى اتفاق نووي.
يرفع نصرالله السقف إلى أعلى درجاته. ومن المتوقع أن يمضي في تهديداته يوم الإثنين المقبل. هو بالتأكيد يمتلك معطيات حول استعداد الإسرائيليين للقبول بالشروط اللبنانية، لأن لا مصلحة لها في التصعيد.
يستفيد حزب الله من ظروف إقليمية ودولية لتصعيد موقفه. وهناك تقديرات لبنانية تؤكد أن الاتفاق سيحصل. فرئيس الجمهورية ميشال عون يبدو واثقًا من أن اتفاق الترسيم سيوقع قبل انتهاء ولايته. والجدل الإسرائيلي مستمر حول احتمال تأجيل استخراج الغاز من كاريش إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية، لتجنّب تهديدات حزب الله. وما بعد الانتخابات يمكن الذهاب إلى إبرام اتفاق مع لبنان.
في المقابل، هناك مواقف إسرائيلية ترفض التأجيل، وتصر على الاستخراج في الموعد المحدد في منتصف أيلول ربما. ويعتبر مؤيدو هذا الخيار أنه بمجرد التأجيل يعني الرضوخ لحزب الله. وهذا ينعكس سلبًا على المعركة الانتخابية.
في إسرائيل ضياع أيضًا حول كيفية التعاطي مع هذه الاتفاقية. فهناك فكرة في إحالة الملف إلى استفتاء شعبي، لأن الأمر يرتبط بالتنازل عن مساحة مائية يعتبرها الإسرائيليون من حصتهم. ما يعني التنازل في ملف سيادي. بينما هناك فكرة أخرى تتركز على أن لا يتنازل الإسرائيليون عن مساحة حقل قانا، مقابل تعهد أميركي بأن يكون الاستثمار بالطاقة في هذا الحقل من حق لبنان. وهناك نقطة أخرى خاضعة للتجاذب والضياع: المساحة التي طالب بها الجانب الإسرائيلي من البلوك رقم 8، وذلك في سبيل تمرير أنبوب الغاز في اتجاه قبرص ومنها إلى أوروبا. وهو ما يرفضه لبنان رفضًا كاملًا.
من حيث المواقف والوقائع، تبدو إسرائيل في موقع محرج في ملفين أساسيين: ترسيم الحدود مع لبنان، والاتفاق النووي.
في كلا الأمرين تجد إيران نفسها مستفيدة ومتقدمة. وهذا ينسحب على حزب الله الذي ينسب لنفسه فضل تحصيل لبنان ما نجح هو في تحقيقه، فيما هو يؤكد وقوفه خلف الدولة اللبنانية. لكنه يعتبر أن موقفه وتهديداته هي التي سمحت للبنان بتحصيل حقوقه وإعادة المفاوضات إلى سكة الجدية وانتزاع التنازلات الأميركية والإسرائيلية.
في مثل هذه المعادلة، يسقط التنازل اللبناني السابق مثلًا عن الخط 29. لأن لبنان كان قد قدّم تنازلًا مسبقًا من خلال عدم توقيع تعديل المرسوم 6433. وهذا لا بد من تغطيته من خلال هذا التصعيد للمطالبة بالخط 23 كاملًا، إضافة إلى حقل كاريش.
سيكون أيلول حافلًا بالتطورات إذًا، فيما ينتظر اللبنانيون عودة آموس هوكشتاين. وتشير التقديرات إلى أن زيارته ستكون في الأيام الأخيرة من شهر آب. يفترض أن يعود هوكشتاين بمقترح مكتوب يعرضه على اللبنانيين والإسرائيليين.
وفي حال الموافقة عليه أو المطالبة بتعديلات بسيطة، يتم إنجازها، وتحديد مواعيد جلسات المفاوضات غير المباشرة في الناقورة. حينذاك تحتاج المفاوضات إلى جلسة أو أكثر، على أن ينجز المحضر اللازم، فيوقع الطرف اللبناني على محضر منفصل عن المحضر الذي يوقع عليه الإسرائيليون، لأن لا اتفاقيات بين لبنان وإسرائيل. بعدها يحول المحضر إلى الأمم المتحدة، وتعمل الحكومة اللبنانية على إعداد مرسوم يقضي بتعديل المساحة الحدودية وفق ما اتفق عليه.