بكركي ترفع الغطاء عن التعطيل في الرئاسة… والتشكيل محاصر عونياً

22 أغسطس 2022
بكركي ترفع الغطاء عن التعطيل في الرئاسة… والتشكيل محاصر عونياً

هي حال البلد، كالنيران المشتعلة في اهراءات مرفأ بيروت منذرة بسقوط الهيكل بين لحظة وأخرى. هي النيران السياسية والاقتصادية والمعيشية والصحية، تحاصر اللبنانيين الذين يحمون أنفسهم بفكرة التعايش، لكن للصمود نهاية كما لكل قصة خاتمة سعيدة أو حزينة.

ويبدو أن فصول القصة الحزينة في لبنان لن تنتهي قريباً، وأشهر الصيف وحرارتها الحارقة التي أشعلت الأحراج، وحوّلت الأخضر الى رماد، سترتفع وتيرتها خلال شهر أيلول المقبل سياسياً قبل أن يكون طرفه مبلولاً بالمخاوف الأمنية في ظل تعطيل متوقع للمؤسسات الدستورية مترافقة مع عرقلة في ملف الترسيم البحري الحدودي بين لبنان واسرائيل، حتى أن الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين اختفى عن رادار المعنيين بالملف في الداخل اللبناني على الرغم من أن هناك معلومات تشير الى أنه سيزور بيروت آخر الشهر الحالي أو مطلع الشهر المقبل، لكن لا شيء مؤكداً حتى الساعة.

وفي حين اعتبر أحد الخبراء أن هوكشتاين تأخر في العودة لأنه لا يملك جواباً واضحاً بعد على الطرح اللبناني من الجانب الاسرائيلي، أكد متابع لملف الترسيم أنه سيزور بيروت، وسيحمل جواباً ايجابياً لأن العرض اللبناني سخي، وسيقبل به الجانب الاسرائيلي بصدر رحب، لكن التأخير سببه أن الملف دخل ضمن البازار السياسي الاسرائيلي المنقسم بين فريقين خصوصاً أن إسرائيل على أبواب انتخابات داخلية، ما دفع الوسيط الأميركي الى ممارسة ضغوطه على الأطراف فيها، وطلب منها سحب الملف من التداول، وهذا ما حصل. وطالما أن الجانب اللبناني يتحدث عن حقل قانا كاملاً والعودة الى الخط ٢٣، فذلك يوصلنا إلى خلاصة واحدة: الخط ٢٣ مكسب لاسرائيل وليس للبنان لأن خطنا هو ٢٩. وبالتالي، التصعيد مستبعد، وملف الترسيم سينتهي بخواتيمه السعيدة للطرف الاسرائيلي وسيكون لبنان خسر كثيراً على الرغم مما سيعلنه المعنيون عن انتصار في هذا الملف، ليسجل نقطة ايجابية وحيدة تتمثل في اشتراط السماح للشركات الأجنبية بالتنقيب في المياه اللبنانية.

اليوم، من الممكن ألا يستخرج الاسرائيلي النفط في أيلول ويؤجله إلى ما بعد الانتخابات. الا أنه في كل الأحوال، لاسرائيل مصلحة في الاتفاق الذي يتطلب ربما لقاء أو لقاءين في الناقورة للتوافق على بعض التفاصيل الصغيرة، لكن السؤال الذي سيطرح هنا: من سيخبرنا عن المكامن المشتركة؟ ومن يقول ان الاسرائيلي حين يبدأ بالاستخراج لا يكون يسحب من بلوكات لبنانية خصوصاً أنه يعلم أكثر من لبنان بالمكامن؟ الطرح الأساسي في الناقورة يجب أن يكون حول المكامن المشتركة وكيفية فصل الحقول؟ على سبيل المثال حقل كاريش يبعد ٥ كلم عن الخط ٢٣ فمن يضمن أن ليس هناك مكامن مشتركة تحت المياه؟ من يبدأ بالاستخراج أولاً يكون هو المستفيد. والخوف من أن يكون هناك طُعم للبنان الذي يمكن أن يبدأ بالتنقيب في حين تكون إسرائيل تستخرج حصتها وحصته.

الحكومة تصطدم مجدداً بتعطيل باسيلي

لهيب النيران يطال أيضاً ملف التأليف الحكومي الذي عاد الى أجواء التشاؤم بعد محاولة لكسر الجليد، وما يدعو إلى الاستغراب أن مصادر القصر الجمهوري لا تزال على تفاؤلها، وتقول ان التشكيل ممكن خلال الأسبوع الحالي اذا سارت الأمور كما هو متوقع ولم تطرأ أي عقدة، وأن التواصل مستمر عبر القنوات بين الطرفين المعنيين بالتأليف. في حين أن مصادر السراي الحكومي تؤكد أنه لم يحصل أي شيء جديد خلال الأيام الثلاثة الماضية وأن أجواء التأليف رمادية أي لا ايجابية ولا سلبية، ونحن ننتظر المستجدات هذين اليومين ليبنى على الشيء مقتضاه.

ولفت مصدر مطلع الى أن الرئيس ميقاتي رمى حجراً في المياه الراكدة خصوصاً بعد أن نعى رئيس الجمهورية التأليف خلال خطابه في عيد الجيش، فجرى اتصال بين الرئيسين عون وميقاتي لمناسبة عيد انتقال السيدة العذراء، وكان اتفاق على ضرورة اللقاء. ودعا الرئيس عون، الرئيس المكلف الذي زار القصر الجمهوري وكان ايجابياً انطلاقاً من أنه لا بد من تشكيل حكومة ومن كسر الجمود ولقطع الطريق على الاجتهادات والهرطقات الدستورية التي قد تؤدي الى فتنة في حال الفراغ الرئاسي، مع العلم أن الصلاحيات تنقل مباشرة الى الحكومة مجتمعة وليس لرئيس الجمهورية أن يسلمها أو لا يسلمها. الرئيس ميقاتي كان منفتحاً على كل الطروحات وأبلغ رئيس الجمهورية أنه يمكن أن يراعي مطالبه في التأليف بصورة لا تتعارض مع التوجه العام الذي رسمه لحكومته. لذلك، تحدث ميقاتي عن تقارب في وجهات النظر، وقال إن للحديث صلة. لكن يبدو أن الخريطة التي وضعت للتشكيل التي تشبه الى حد كبير حكومة تصريف الأعمال مع تعديلات طفيفة لم يوافق عليها النائب جبران باسيل، بحيث أشارت المعلومات الى أن الرئيس عون اجتمع به، وعرض عليه مجريات اللقاء لكنه رفض الطروحات. وتم إبلاغ الرئيس ميقاتي عبر وسطاء أن طروحات التشكيل خلال اللقاء لا يمكن السير بها، ما يعني مجدداً أن “التيار الوطني الحر” يريد حكومة على قياسه للاستفادة السياسية ويكون لباسيل الكلمة الفصل فيها في حال لم يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية. مع التأكيد أن الرئيس ميقاتي لا يريد أن يعطي هدية للعهد أو أن يكون حصان طروادة لايصال “التيار الوطني الحر” الى مبتغاه في التحكم بالسلطة وتمديد نفوذه الى العهد المقبل. اذاً، تبددت الأجواء الايجابية، والكرة اليوم في ملعب رئيس الجمهورية الذي إن تعاطى مع الطروحات الأخيرة بإيجابية تتشكل الحكومة والعكس صحيح. من الطبيعي وكعادتها، دوائر القصر الجمهوري تحاول الايحاء بأن الأجواء ايجابية وأنهم ماضون نحو التشكيل لابعاد شبهة التعطيل عنهم، ولكن أصبح الهم الأساس للرئيس عون تأمين مصالح باسيل والتيار. كل ذلك، يدل على أن التعطيل من “التيار الوطني الحر” حصراً ومن باسيل تحديداً. وإذا لم تظهر بعض البوادر الايجابية حول امكان القبول بطروحات ميقاتي التي توافق عليها مبدئياً مع رئيس الجمهورية، فلا داعي لزيارته إلى القصر الجمهوري. ولا بد من الإشارة الى أن كل ما يحكى عن حكومة جديدة أو طرح جديد غير صحيح لأن الرئيس ميقاتي ناقش التشكيلة التي قدمها في ٢٩ حزيران الماضي.

الراعي: هل هي مرحلة تغيير النظام والانقلاب على الطائف؟

شدد البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي خلال عظة الأحد على أن “من واجبنا الكنسي أن نخاطب ضمائر المسؤولين ونحضهم على تشكيل حكومة جديدة كاملة الصلاحيات تتحمل مسؤولياتها الدستورية في كل يوم. ونحضهم على إنتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهلة الدستورية من دون زيادة يوم واحد. من المعيب حقاً أنه منذ سنة 1988 أمسى تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان عادة، كأن المعطلين يسعون إلى إيهام اللبنانيين بأن الرئاسة الاولى منصب شرف لا ضرورة مطلقة له، فالدولة تسير بوجود رئيس أو بدونه. فهل هي المرحلة النهائية في مخطط تغيير النظام والانقلاب على الطائف وإسقاط الدولة؟ لا يظننن أحد بأن الأمر بهذه السهولة. وليتذكر الجميع أن رئاسة الجمهورية هي ركيزة نشوء الكيان اللبناني ورمز وحدة لبنان. فبدون رئيس لا رمز ولا وحدة لبنانية”، مطالباً بـ “رئيس يكون على مستوى الكيان والشعب والرمزية الوطنية، يبعث روح النهضة بالشعب ويرسم حدود الدولة ليس مع الدول المحيطة بلبنان فحسب، بل مع قوى لبنانية تتصرف كأن لا منعة ولا حدود ولا كرامة للدولة والشرعية والجيش”.

أضاف: “عندما نقول لا نريد رئيس تحد، لا نعني أبداً أننا نريد رئيساً يتحداه الجميع. إن قدرة الرئيس على مواجهة التحدي والتحديات تنبع أساساً من أخلاقه ومناعته أمام الإغراءات وصموده أمام الترهيب واحتكامه إلى الدستور ورجوعه إلى الشعب في المفترقات المصيرية. وقدرته هي خبرته في الشأن العام والوطني، وفي كونه لا يأتي على أساس دفتر شروط هذا الفريق أو ذاك، بل على أساس رؤيته هو لمصير لبنان”.

اللبنانيون محاصرون بلهيب الاسعار

الى ذلك؛ فان النيران تحاصر اللبنانيين من كل حدب وصوب، ويدفعون وحدهم باهظاً ثمن الفواتير، مع أن الدولار الجمركي لم يقر بعد على سعر ٢٠ ألفاً، وعلى الرغم من تطمينات المعنيين وطمأنتهم الى أنه لن يطال السلع الأساسية خصوصاً الغذائية منها، الا أن جولة على المحال التجارية والسوبرماركت تظهر أن السلع ارتفعت بنسبة تتراوح بين ٢٠ و٣٠ في المئة بحسب ما أوضح أحد الخبراء الاقتصاديين، مشيراً الى أن التجار يتذرعون بارتفاع سعر الصرف، وارتفاع أسعار المحروقات ما يحتم ارتفاعاً في الأسعار بسبب زيادة كلفة النقل وكلفة تشغيل المولدات الكهربائية الخاصة.

وفيما يكشف أن البحث انطلق في خفض المقاربة المقترحة لتصبح بين 8 آلاف أو 12 ألف ليرة بدل ٢٠ ألفاً لاحتساب الرسوم على المستوردات، أقفل عدد كبير من محطات الوقود أبوابه امس، وشهد البعض الآخر ازدحاماً في ظل الحديث عن ازدياد وتيرة التهريب الى سوريا بصورة لافتة.

المصدر لبنان الكبير